كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 1)

ثم قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ):
أي فإن أعرضوا عما دعوتهم إليه: من توحيد الله، وعدم إشراك غيره معه في العبادة - مع أن ذلك أمر مجمع عليه في جميع الرسالات - فاعلموا أنهم لزمتهم الحجة، ولكنهم أبَوا الحقَّ عنادًا، فقولوا لهم: أنصفونا واشهدوا معترفين لنا بأننا مسلمون مخلصون لربنا.
وفي هذا الطلب، تعريض لهم بأنهم لا إسلام لهم - أي لا إخلاص منهم لربهم - حين اعتقدوا في عيسى وعزير ما اعتقدوه فيهما. كما أنه يؤذن بأن من قاله واثق بعقيدته في ربه، مطمئن إلى الأدلة التي أيقن بها.
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)}
المفردات:
(لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ): أي لِمَ تجادلون فيه؟ فيقول كل منكم: إنه كان على دينه.
(حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ): كأمر موسى وعيسى عليهما السلام.
(فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ): هو أمر إبراهيم عليه السلام.

الصفحة 589