كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 2)

وقوله تعالى: {أَيْنَمَا ثُقِفُوا}: أَي؛ حيثما حلُّوا، ووجدوا.
{إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}: الاستثناءُ هنا من عموم، الأَحوال، أي أن الذلة مضروبة عليهم في جميع الأَحوال، إِلا في إِحدى حالتين:
الأُولى: اعتصامهم بحبل من الله.
والثانية: اعتصامهم بحبل الناس.
والمراد من حبل الله. إِسلامهم. والمراد من حبل الناس دخولهم تحت ذمة المسلمين، على أن يؤَدوْا الجزية في مقابل حمايتهم، بشرط أن لا يخونوا ولا يغدروا فإن فعلوا هذا أَو ذاك - من الاعتصامين - كف المسلمون عن إذلالهم بالقتل والأَسر.
وأجاز بعض المفسرين: أن يراد من حَبْل الناس، لجوؤُهم إلى قوة غالبة في الأرض من غير المسلمين يستظلون بحمايتهم، ويستمدون منهم العون والقوة، كما هو شأنهم في هذا الزمان.
{وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}: أي: رجعوا به، مستحقين له.
{وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ}: أي: فُرضت عليهم، وأُلصقت بهم , فاليهودي يشعر في نفسه - دائمًا - بالفقر، وإن كان موسراً غنيًّا، وبالضعف وإن كان قويًّا.
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}:
أي. ما تقدم من ضرب الذلة والمسكنة عليهم، واستحقاقهم لغضب الله - واقع بهم بسبب استمرارهم على الكفر بآيات الله، وقتلهم الأَنبياءَ، وهم يعتقدون أنهم غير محقين في قتلهم.

الصفحة 638