كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 2)

والمعنى: إن الذين كفروا بما يجب الإيمان به - كيفما كان كفرهم - لن تدفع عنهم أَموالهم - مهما بلغت - ولا أَولادهم - مهما كانت معونتهم - من عذاب الله شيئاً: قليلاً كان أَو كثيراً.
وليس المراد: خصوص الأَموال والأَولاد، بل كل ما يعتبره الإنسان وسيلة قوة ومنعة.
وإِنما خص الأموال والأَولاد بالذكر؛ لأَن الإِنسان - في الغالب - يدفع عن نفسه تارة بالفداءِ بالمال , وأخرى بالاستعانة بالأولاد.
فأَخبرهم الله تعالى بأَن الكافر لا ينفعه شيءٌ من ذلك في الآخرة، ولا مخلص له من العذاب ولا محيص عنه.
{وَأُولَئِكَ}: المتصفون بالكفر.
{أَصْحَابُ النَّارِ}: أهلها، الملازمون لها.
{هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}:
لا يبرحونها أبدًا، كما قال سبحانه: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (¬1).
117 - {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ. . .} الآية.
بعد ما بين - سبحانه - أَن أَموال الكفار لا تدفع عنهم العذاب في الآخرة، أتبع ذلك بيان أَنهم لو أنفقوها في وجوه الخير والبر، لا يثابون عليها؛ لأَن الثواب على الطاعات، مشروط بتحقق الإيمان.
والمعنى: مثل ما ينفقونه في حياتهم الدنيا من المبرات والخيرات - في إحباطه بالكفر
وعدم انتفاعهم به - كزرع قوم ظلموا أَنفسهم بالكفر والمعاصى، فأرسل الله عليه ريحًا فيها برد شديد، فصيَّرته حطاماً لا ينتفع به، كما قال سبحانه: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (¬2).
{وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ}: بإحباط الأَجر وذهاب الثواب على ما أنفقوا.
¬__________
(¬1) المائدة: 37.
(¬2) الفرقان: 23.

الصفحة 642