كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 2)

{فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}: تعليل لقوله تعالى:
{يُعَذِّبَهُمْ}: أَي يعذبهم؛ لظلمهم بمعاداة الإِسلام والمسلمين وقتالهم.
129 - {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}:
سيقت هذه الآية؛ لتأكيد ما تقدم، من أن الأَمر كله بيد الله وحده.
والمعنى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} خلقاً وملكاً وتصرفاً , لا معقب لحكمه. ولا يسأل عما يفعل.
{يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ}: المغفرة له بواسع رحمته , المبنية على بديع حكمته.
{وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ}: تعذيبه بكمال عدله والتعبير بلفظ (ما) في قوله: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} تغليب لغير العقلاء؛ لكثرتهم؛ لأن الموجودات من غير العقلاء أكثر.
والتعبير بلفظ (مَن) في قوله: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} لأَن الحساب والثواب والعقاب , لا يكون إلا للعقلاء.
{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: شأنه أن يستر ذنوب عباده، ويعفو عمن أساء، ويتجاوز لهم عما اقترفوا: رحمة منه وفضلا.
وتقديم المغفرة على العذاب، للإيذان بأن رحمته - دائما -سابقةٌ غضبه.
وختم الآية بصفتي الغفران والرحمة - دون مقابلهما - لمزيد الاعتناءِ بشأن المغفرة والرحمة؛ لأَنه تعالى , كتب على نفسه الرحمة {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} (¬1).
¬__________
(¬1) الأنعام، من الآية:54.

الصفحة 653