كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 2)

"لَعَنَ الله آكل الربا وموكله، وشاهده وكاتبه , والْمُحَلَلَ له" (¬1).
والمراد بالأَكل هنا: أَخذ مال الربا للانتفاع به في أي وجه , وإنما عبر بالأكل؛ لأَنه المقصود الأَعظم من كسب المال، وللتشنيع على آكل الربا. بأَنه يدخل جوفه السحت بدلا من الطيبات.
والربا حرام مطلقاً ... وإِن لم يُضَعّف كما تقدم.
وليس قوله تعالى: {أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} قيدا في التحريم. وإِنما جاءَ لبيان ما كان عليه الحال في ربا الجاهلية.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ}: بامتثال أَوامره , واجتناب نواهيه. ومنها النهي عن أكل الربا.
{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}: عسى أَن تفلحوا.
والتعبير بلفظ (لَعَلَّ): يدل على أنه يُرْجَى نيل الفلاح وقرب الامل في حصوله , لمن جدَّ مخلصاً في طلبه.
131 - {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}:
أي: وحاذروا أَن تستهينوا بالربا، فينزع منكم الإِيمان؛ فإِن من الذنوب ذنوباً - منها الربا - ينزع الله بها الإيمان من المقيم عليها.
قال أَبو حنيفة رحمه الله: هى أَخوف آية في القرآن، حيث أَوعد المؤمنين بالنار المعدة للكافرين، إن لم يتقوه في اجتناب محارمه.
ولا شك أَن في وصف النار بأنها أُعدت للكافرين زجرًا عظيما، ووعيدًا شديدًا.
وفيه تنبيه إلى أَن الربا قريب من الكفر.
132 - {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ. . .} الآية.
وأطيعوا الله باجتناب كل ما نهى عنه - ومنه أَكل الربا - وامتثال كل ما أمر به وأَطيعوا الرسول فيما بلغكم عن الله، وفيما تضمنته سنته من أوامر ونواه.
قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا. . . (¬2)}.
¬__________
(¬1) رواه مسلم.
(¬2) الحشر، من الآية: 7.

الصفحة 655