كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 2)

{وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}:
أَي كل المحسنين , ويدخل فيهم، من تقدم ذكرهم.
والحب: ميل القلب إِلى المحبوب.
والمراد به - في الآية - ما يلزم عنه من الثواب والرضوان.
والمعنى: أن الله يرضى عن المحسنين جميعا، ويجازيهم على إِحسانهم أَحسن الجزاء.
والإِحسان يشمل: إتقان العمل، والإِتيان به على الوجه الأكمل.
ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم , وقد سئل عن الإِحسان:
"أنْ تَعبُدَ اللهَ كأَنك تَراه , فإِن لم تَكُنْ تَراهُ فَإنهُ يَرَاكَ" (¬1).
ويشمل أيضاً: إيصَالَ النفع إلى الغير، ودَفْعَ الضرر عنه.
ولا يكمل الإِحسان حتى يكون خالصًا لوجه الله: لا ينتظر المحسن مكافأة عليه , ولا يكون مكافأَة على إِحسان سابق وصل إِليه.
وفي الحديث الشريف: "لَيسَ الواصلُ بالمكافيءَ" (¬2) والمراد بالواصل: المحسن.
وقال الثورى: الإِحسان: أَن تحسن إلى من أساءَ إليك. فأَما من أَحسن إليك، فإنه متاجرة كنقد السوق: خذ مني وهات.
ولمكانة الإِحسان عند الله , أَثاب عليه بأَعلى أنواع الثواب , وهو محبته - سبحانه وتعالى - كما قال في ختام الآية: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
135 - {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}:
¬__________
(¬1) رواه البخاري وغيره.
(¬2) رواه البخاري.

الصفحة 659