كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 2)

138 - {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}:
(هَذَا): إشارة إلى قوله تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ}:
أي هذا الذي عرفتكم به، من أن سنة الله - في الماضين - أن تكون الدائرة على الكافرين والعاقبة للمتقين - بيان للناس جميعاً، وإيضاح لحسن مآل المؤمنين، وسوءِ عاقبة المكذبين وهدى وتذكير للمتقين.
وتخصيص المتقين بذلك؛ لأنه لا ينتفع بهذا البيان فيهتدى ويتعظ، إلا المتقون الذين شرح الله صدورهم للإسلام، وخافوا الله رب العالمين.
139 - {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ. . .} الآية.
أي ولا تضعفوا - أَيها المؤمنون - عن الجهاد، وتتثاقلوا عنه، لكثرة من قتال منكم في أُحُد. ولا تحزنوا لذلك , فيشغلكم ويقعدكم عن قتال عدوكم - والحال أنكم أَعلى شأْنا منهم، فإنكم على الحق. وَهم على الباطل. وأنتم أولياءُ الله. وهم أعداؤه وأولياءُ الشيطان وقتلاكم في الجنة. وقتلاهم في النار. ومَن هم على هذه الحال , لا ينبغي لهم أَن يهنوا ولا أن يحزنوا لما أصابهم، فإن العاقبة لهم.
وفي قوله تعالى: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} وَعدٌ لهم بالنصر على أعدائهم - فيما يستقبل من الأيام: وبشرى بأَنهم الغالبون المنتصرون، ما داموا متمسكين بتعاليم دينهم.
{إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}:
أي إن كنتم مؤمنين حقا فلا تهنوا ولا تحزنوا؛ لأَن الإِيمان يوجب قوة القلب، ويزيد الثقة بالله تعالى، وعدم المبالاة بأَعدائه.
ويجوز أَن يكون المعنى: إن كنتم مصدقين بوعدي لكم بالنصرة على عدوكم، فلا تهنوا ولا تحزنوا.
140 - {إنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ... } الآية.
المراد بالقوم: أهل مكة المشركون. والقَرح بفتح القاف: الجرح. وبالضم: ألمه.
وقد قريء بهما.

الصفحة 664