كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 2)

141 - {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}:
أي وليطهرَ نفوس المؤمنين، وينقّيَها من الشوائب التي تكون قد علقت بها، فيصيروا مؤْمنين خالصين: يصبرون على البأساء، ويثبتون عند اللقاء، وتتطهر نفوسهم من كل صفة لا تليق بمن باع نفسه لإعلاء كلمة الله.
{وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}:
إن كان المراد من اللفظ: العموم، فمعنى الْمَحق: النقصان وإظهار المسلمين عليهم، ما داموا صادقي الإيمان, متخذي العدة والعتاد لمقاتلة أعداء الله.
وإن كان المراد الكفارَ من أهل مكة: الذين حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد، وأصروا على الكفر - فمعنى المَحْق: الاستئصال. وقد كان ذلك.
قال أبو حيان: {وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}: أي يهلكهم شيئًا فشيئًا.
والمعنى: أن الدولة إن كانت للكافرين على المؤمنين، كانت سببًا لتمييز المؤمن من غيره، وسببًا لاستشهاد من قُتل منهم، وسببًا لتطهير المؤمن من الذنب. فقد جمعت فوائد كثيرة للمؤمنين.
وإن كان النصر للمؤمنين على الكافرين، كان سببا لمحق الكافرين بالكلية، واستئصالهم.
قاله ابن عباس.
ويحمل ذلك ما كان عليه في أَهل مكة.
142 - {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}:
(أمْ) هنا: أفادت الانتقال من الكلام السابق إلى الكلام اللاحق، واستبعاد أن يظنوا دخول الجنة بدون جهاد وصبر عليه.
والمعنى: بَل أظننتم أَن تدخلوا الجنة، ولما يتحقق جهاد المجاهدين منكم، وصبْرُ الصابرين عليه. فيعلم الله ذلك واقعًا دالا على صدق الإيمان, مستتبعا لدخول الجنان!!

الصفحة 667