كتاب كتابة الحديث بين النهي والإذن

أهل الحجاز وتعلموا منهم الكتابة كما هو مشهور عند أكثر أهل العلم (1) ، وكان العرب يعظمون القراءة والكتابة ويعلون من شأن العالم بها، فكانوا يلقبون من أتقن الكتابة وأحسن العوم والرمي بالكامل (2) ؛ لأنهم يطلقون الكاتب على العالم، لأن الغالب على من كان يعلم الكتابة أن يكون عنده علم ومعرفة (3) .
وإنما لم يكن النشاط الكتابي ظاهراً لأمور عديدة من أبرزها:
1- أنهم كانوا أمة بدوية بسيطة مقتصرة في حياتها على الضروريات، وإتقان الكتابة والمعرفة بها تابع للمدنية التي يعيشها أصحابها، فمتى توافرت أسباب المعيشة الضرورية انتقلوا إلى تحصيل الكماليات والتوسع فيها مثل الكتابة وتعاطي العلم ونحو ذلك (4) .
2- أنهم كانوا يعتمدون على الحفظ في الصدور لما آتاهم الله من قوة في الحافظة، وصفاء الطبع، وسيلان الذهن، وحدّة الخاطر فاستغنوا بها عن الكتابة (5) .
3- ندرة تحصيل أدوات الكتابة من أقلام وصحائف فلم يكن هناك انتشار لهذه الوسائل، وعمدوا إلى وسائل بدائية للكتابة من أمثال العظام
__________
(1) انظر فتوح البلدان /456، المصاحف /4، الأوائل /57، مقدمة ابن خلدون /428 والباحثون المعاصرون يختلفون اختلافاً شديداً في منشأ الخط العربي ومصدره بناءً على ما توافر من نقوش أثرية مؤرخة في عهد الدول السابق ذكرها وغيرها.
(2) الطبقات الكبرى 3/502، 566، 573.
(3) النهاية في غريب الحديث والأثر 4/148.
(4) مقدمة ابن خلدون /400.
(5) هدى الساري/ 6، مناهل العرفان 1/286.

الصفحة 15