كتاب كتابة الحديث بين النهي والإذن

5- أن في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما المتقدم في صفة كتابته أنه كان يكتب ابتداءً وأقرّه النبي صلى الله عليه وسلم على هذا، فلو كان هناك نهي سابق لما كتب ولأنكر عليه الصلاة والسلام الكتابة، ولا يُشْكل على هذا قول أبي هريرة رضي الله عنه "واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتابة عنه فأذن له"، فإن الاستئذان لا يكون دائماً بعد نهي، إذ قد يكون من باب الأدب، أو الإعلام بأنه يكتب الحديث لا القرآن الكريم.
6- أن من نهاه عن الكتابة علل نهيه له بأن النبي صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا ولم يعللوه بأنه قد تقدم من النبي صلى الله عليه وسلم نهى.
7- أنه لما ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم كلام من نهاه، وعلة نهيهم، أنكر عليهم صلى الله عليه وسلم وأمره بالكتابة، ولم يذكر له أن العلة أنه قد نهى عن هذا.
8- في حديث أبي شاه لم يحصل من الصحابة رضي الله عنهم توقف في الكتابة له فكأن الأصل عندهم أن لانَهْيَ.
9- أن أياً من الصحابة رضي الله عنهم الذين نهوا عن الكتابة لم يعلل نهيه عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكتابة وهو فصل في الحكم حسم في المسألة، بل عللوا نهيهم بأمور أخرى لا علاقة لها بأصل الحكم، وسيأتي مزيد بيان لهذه النقطة في آخر المبحث القادم.
وعلى هذا فلا تعارض والعمل بحديث الإباحة لعدم الحظر. وقد مال إلي هذا الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله في "الأنوار الكاشفة" (1) .
__________
(1) انظر ص/ 35، 36، 43.

الصفحة 54