كتاب كتابة الحديث بين النهي والإذن

ولا يعارض هذا بأن الحديث في صحيح مسلم، وما فيه متلقى من الأمة بالقبول لأنه قد استثنى العلماء منه ما انتقده العلماء الأولون كما هو مقرر في كتب أهل العلم (1) .
وأما من قال بصحة حديث النهي عن الكتابة فقد اختلفت توجيهاتهم في الجواب عن هذا التعارض على أقوال:
القول الأول: أن حديث النهي عن الكتابة منسوخ بأحاديث الأمر بالكتابة:
فيكون من منسوخ السنة بالسنة ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قول جمهور العلماء (2) .
ولعل دليل من قال بالنسخ أن نقلة من روى أحاديث الإباحة والوقائع التي ذكر فيها إباحة الكتابة حصلت في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم (3) ، وبمثل هذا يستدل على النسخ ولاسيما أن نقلة الأخبار سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم فينتفى الاحتمال بأن يكون سمعها من متقدم الإسلام (4) .
ومن يتأمل أقوال العلماء في هذا سيجدها على ضربين:
أ- الضرب الأول: إطلاق القول بالنسخ دون تعليل مثل ابن قتيبة (5)
والخطابي (6) ، والبغوي (7) ، وابن الأثير (8) .
__________
(1) شروط الأئمة الستة، علوم الحديث مع التقييد والإيضاح /27، 28، مجموع الفتاوى 18/17، النكت على كتاب ابن الصلاح 1/379.
(2) مجموع الفتاوى 21/318.
(3) دفاع عن السنة /21.
(4) فتح المغيث 3/69.
(5) تأويل مختلف الحديث /287.
(6) أعلام السنن 1/216.
(7) شرح السنة 1/294.
(8) النهاية 4/148.

الصفحة 55