كتاب كتابة الحديث بين النهي والإذن

فاقتصر من الأمر على كتابة ما ينزل من القرآن شيئاً فشيئاً ولو مرة واحدة، فهذا الذي هو وفق الطاقة، وما زاد فهو شاق عليهم (1) .
القول الرابع: أن النهي لمن أمن عليه النسيان ووثق بحفظه وخيف اتكاله على الخط إذا كتب، والإذن لمن خيف نسيانه ولم يوثق بحفظه، أو لم يخف اتكاله على الخط إذا كتب، قاله ابن حبان (2) والبيهقي (3) وابن عبد البر (4) ، والخطيب (5) ، وهذا هو المفهوم من بعضها، وجه به أبو سعيد الخدري وأبو موسى الأشعري - رضي الله عنهم - كما سيأتي، وبه يفهم جماعة من السلف كان الواحد يكتب ويحفظ، فإذا حفظ محاه، مثل مسروق وابن سيرين وعاصم بن ضمرة وغيرهم (6) .
القول الخامس: أنه نهى أن يكتب مع القرآن غيره فيضاهى بتلك الكتب، فينكب على غير القرآن ويترك كتاب الله، فتشبه الأمة الأمم السابقة عندما جعلوا مع كتاب الله المنزل عليهم كتباً أخرى فتركوا كتاب الله وانكبوا على الكتب الأخرى، وكأن هؤلاء يقدمون القرآن بالعناية، ولايمنع أن يعتني بغيره، لكن هذه العناية تابعة للقرآن، وهذا هو المفهوم من كلام الرامهرمزي (7) .
__________
(1) الأنوار الكاشفة /31، 32، 37.
(2) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 1/265.
(3) المدخل /410.
(4) جامع بيان العلم وفضله 1/292.
(5) تقيد العلم /58.
(6) جامع بيان العلم وتقييد العلم في الموضعين السابقين.
(7) المحدث الفاصل /386.

الصفحة 59