كتاب كتابة الحديث النبوي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بين النهي والإذن

الستر، ثم دعاه فجلس يسأله ويكتبون، فنظر إليهم زيد فقال: يا مروان عذراً إنما أقول برأيي.
فيحتمل أن ما كتب عن زيد كانت آراءه الشخصية؛ لذا كرهها زيد.
وهذا لا يدل على كراهيته لكتابة الحديث؛ لأنه ثبت أنه كتب الحديث (1) .
وعلى هذا فإن أحاديث النهي عن الكتابة لم تسلم من الضعف جميعها إلا حديث واحد تفرد به رواته - واختلف في وقفه ورفعه - أما الأحاديث الأخرى فالكل متفق على ضعفها قال المعلمي: " أما الأحاديث فإنما هي حديث مختلف في صحته، وآخر متفق على ضعفه " (2) .
وبالتالي فإن أحاديث الإذن في الكتابة هي الراجحة وهي التي يحتج بها واستقر الأمر في حياته صلى الله عليه وسلم على إباحة الكتابة.
وعلى أية حال فقد فهم الصحابة أنه لا مانع من كتابة الأحاديث وتوثيقها بها، وكتبوا قسماً كبيراً من الحديث في حياته صلى الله عليه وسلم: إما احتفاظاً به لأنفسهم وإما بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد سبق في الفصل الثاني الإشارة إلى بعضها، ومن الأولى:
- صحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص، كتب صحيفة سماها الصادقة.
- كتب علي بن أبي طالب صحيفة صغيرة تشتمل على العقل وعلى أحكام فكاك الأسير (3) .
__________
(1) دراسات، الأعظمي 108.
(2) الأنوار الكاشفة 34.
(3) صحيح البخاري، كتاب العلم 1/204، بشرحه فتح الباري.

الصفحة 45