كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= قال: قالت أم سلمة)) ، وفي بعضها: ((عن مجاهد، عن أم سلمة، أنها قالت)) . فالصيغة الأولى ظاهرها الإرسال؛ لأن معناها: أن مجاهدًا يحكي من قبل نفسه ما قالته أم سلمة لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيكون مرسلاً؛ لأنه لم يدرك ذلك.
والصيغة الثانية ظاهرها الاتصال؛ لأن معناها أن مجاهدًا يذكر هذه الرواية عن أم سلمة، ثم يختلفون أيضًا في وصله، دون حجّة.
فقد قال الترمذي - بعد روايته: ((عن مجاهد، عن أم سلمة)) : ((هذا حديث مرسل. ورواه بعضهم عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، مرسلاً: أن أم سلمة قالت كذا وكذا)) .
وقال الحاكم - بعد روايته: ((عن مجاهد، عن أم سلمة)) -: ((هذا حديث على شرط الشيخين، إن كان سمع مجاهد من أم سلمة)) ، ووافقه الذهبي على تصحيحه، وأعرض عن تعليله فلم يُشِر إليه.
وعندي - بما أرى من السياق والقرائن - أن الروايتين بمعنى واحد، وإنما هو اختلاف في اللفظ من تصرّف الرواة، وكلها بمعنى: ((مجاهد، عن أم سلمة)) .
فقد ثبت اللفظان في رواية ابن عيينة، وكذا قد ثبتا في رواية الثوري ...
وأما حكم الترمذي - في روايته من طريق ابن عيينة - بأنه حديث مرسل، فإنه جزم بلا دليل، ومجاهد أدرك أم سلمة يقينًا وعاصرها، فإنه ولد سنة٢١، وأم سلمة ماتت بعد سنة ٦٠ على اليقين.
والمعاصرة - من الراوي الثقة - تحمل على الاتصال، إلا أن يكون الراوي مدلِّسًا. ولم يزعم أحد أن مجاهدًا مدلس، إلا كلمة قالها القطب الحلبي في "شرح البخاري"، حكاها عنه الحافظ في "التهذيب" (١٠ / ٤٤) ، ثم عقّب عليها بقوله: ((ولم أر من نسبه إلى التدليس)) ، وقال الحافظ أيضًا في "الفتح" (٦ / ١٩٤) - ردًّا على من زعم أن مجاهدًا لم يسمع من عبد الله بن عمرو -: ((لكن سماع مجاهد من عبد الله بن عمرو ثابت، وليس بمدلس)) ، فثبت عندنا اتصال الحديث وصحّته، والحمد لله)) . اهـ. =

الصفحة 1237