كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= أحدها: أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية، فباعها منهم معتقدًا جواز ذلك، وهذا حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر ورجّحه، وقال: كان ينبغي له أن يوليهم بيعها فلا يدخل في محظور، وإن أخذ أثمانها منهم بعد ذلك؛ لأنه لم يَتَعَاطَ محرَّمًا، ويكون شبيهًا بقصة بريرة حيث قال: ((هو عليها صدقة ولنا هديّة)) .
والثاني: قال الخطابي: يجوز أن يكون باع العصير ممن يتخذه خمرًا والعصير يسمى خمرًا، كما قد يسمّى العنب به؛ لأنه يئول إليه، قاله الخطابي، قال: ولا يُظن بسمرة أنه باع عين الخمر بعد أن شاع تحريمها وإنما باع العصير.
والثالث: أن يكون خّلَّل الخمر وباعها، وكان عمر يعتقد أن ذلك لا يحلّها كما هو قول أكثر العلماء واعتقد سمرة الجواز كما تأوَّله غيره؛ أنه يحلّ التخليل، ولا ينحصر الحلّ في تخليلها بنفسها.
قال القرطبي تبعا لابن الجوزي: والأشبه الأول.
قلت [القائل ابن حجر] : ولا يتعيّن على الوجه الأول أخذها عن الجزية، بل يحتمل أن تكون حصلت له عن غنيمة أو غيرها، وقد أبدى الإسماعيلي في "المدخل" فيه احتمالاً آخر، وهو: أن سمرة علم تحريم الخمر، ولم يعلم تحريم بيعها، ولذلك اقتصر عمر على ذَمِّه دون عقوبته، وهذا هو الظن به، ولم أر في شيء من الأخبار أن سمرة كان واليًا لعمر على شيء من أعماله إلا أن ابن الجوزي أطلق أنه كان واليًا على البصرة لعمر بن الخطاب وهو وهم فإنما ولي سمرة على البصرة لزياد وابنه عبيد الله بن زياد بعد عمر بدهر، وولاة البصرة لعمر قد ضبطوا، وليس منهم سمرة، ويحتمل أن يكون بعض أمرائها استعمل سمرة على قبض الجزية)) . اهـ.
أقول: والقول الأول هو الأقرب للصواب - فيما أرى -، وهو الذي اختاره ابن الجوزي والقرطبي، ويليه ما أبداه الإسماعيلي، هو الذي مال إليه ابن حجر، أما الثاني والثالث، ففيهما بعد، والله أعلم.
ومن الفوائد المستنبطة من الحديث، ما ذكر الحافظ ابن حجر في الموضع السابق =

الصفحة 1602