كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: 1)

٥٦ - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نا حُصَين (¬١)، عن
---------------
= فمثل هؤلاء لا يتهيأ لأحدهم أن يقرأ بلسان قريش إلا بالرياضة الشديدة الغليظة، وهم في حاجة لحفظ القرآن لقراءته في صلواتهم، والتقرب إلى الله بكثرة التلاوة، والتعلم من معانيه، فوسع الله عليهم في ذلك أن يتلوه بمعانيه وإن خالفت ألفاظهم التي يتلونه بها ألفاظ نبيهم - صلى الله عليه وسلم -.
انظر: "مشكل الآثار" للطحاوي (٤/ ١٨٥ - ١٨٦).
وليس المعنى أن يكون الحرف الواحد يقرأ على سبعة أوجه، بل المعنى كما قال أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص ٣٠٧): ((ليس معنى تلك السبعة أن يكون الحرف الواحد يقرأ على سبعة أوجه، وهذا شيء غير موجود، ولكنه عندنا: أنه نزل على سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب. فيكون الحرف منها بلغة قبيلة، والثاني بلغة أخرى سوى الأولى، والثالث بلغة أخرى سواهما، كذلك إلى السبعة وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظًا فيها من بعض)). اهـ. فإن قيل: هي القراءة بهذه الأحرف السبعة جائزة الآن؟
فالجواب ما ذكره الطحاوي في "مشكل الآثار" (٤/ ١٩٠ - ١٩١) حيث قال: ((فكانت هذه السبعة للناس في هذه الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن على غيرها مما لا يقدرون عليه ... ، فكانوا على ذلك حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقرأوا بذلك على تحفظ القرآن بالألفاظ التي نزل بها، فلم يسعهم حينئذٍ أن يقرأوا بخلافها، وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف إنما كانت في وقت خاص؛ لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد)). اهـ. والله أعلم.
(¬١) هو حصين بن عبد الرحمن السُّلمي، أبو الهذيل الكوفي، روى عن جابر بن سمرة وعمارة بن رويبة - رضي الله عنهما -، وعن زيد بن وهب وأبي وائل شقيق بن سلمة والشعبي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وهلال بن يساف وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وهشيم وأبو عوانة وخالد بن عبد الله الطحّان الواسطي =

الصفحة 236