كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= فقد تبين ذلك من حكاية عطاء الخراساني عنه في تزويج النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بميمونة، ولقد ظُلم عكرمة في ذلك، فإن هذا مرويّ عن ابن عباس من طرق كثيرة ... ، وأما ذَمُّ مالك فقد بيّن سببه، وأنه لأجل ما رمي به من القول ببدعة الخوراج، وقد جزم بذلك أبو حاتم، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عكرمة، فقال: ثقة: قلت: يحتج بحديثه؟ قال: نعم؛ إذا روى عنه الثقات، والذي أنكر عليه مالك إنما هو بسبب رأيه، على أنه لم يثبت عنه من وجه قاطع أنه كان يرى ذلك، وإنما كان يوافق في بعض المسائل، فنسبوه إليهم. وقد بّرأه أحمد العجلي من ذلك، فقال في "كتاب الثقات" له: عكرمة مولى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مكي تابعي ثقة، بريء مما يرميه الناس به من الحرورية. وقال ابن جرير: لو كان كل من ادُّعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعي به وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك، للزم ترك أكثر محدثي الأمصار؛ لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه. وأما قبوله لجوائز الأمراء، فليس ذلك بمانع من قبول روايته، وهذا الزهري قد كان في ذلك أشهر من عكرمة، ومع ذلك فلم يترك أحد الرواية عنه بسبب ذلك)) . اهـ. كلام الحافظ ملخصًا في الذب عن عكرمة.
وأما ثناء العلماء عليه فكثير، فمنه ما رواه محمد بن فضيل، عن عثمان بن حكيم، كنت جالسًا مع أبي أمامة بن سهل بن حنيف، إذ جاء عكرمة، فقال: يا أبا أمامة، أذكّرك الله، هل سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: مَا حدثكم عني عكرمة فصدقوه، فإنه لم يكذب علي؟ فقال أبو أمامة: نعم. قال الحافظ ابن حجر: ((وهذا إسناد صحيح)) ، وقال حماد بن زيد: قال لي أيوب: لو لم يكن عندي ثقة، لم أكتب عنه، وقال مغيرة: قيل لسعيد بن جبير: تعلم أحدًا أعلم منك؟ قال: نعم، عكرمة. وقال قتادة: كان أعلم التابعين أربعة، فذكره فيهم. وقال سفيان الثوري: خذوا التفسير من أربعة، فبدأ به. وقال البخاري: ليس أحد من أصحابنا إلا احتجّ بعكرمة، وقال جعفر الطيالسي عن ابن معين: إذا رأيت =

الصفحة 375