كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= والثانية- وهو قول الشافعي -: أنه يجوز الاستئجار.
وفيها قول ثالث في مذهب أحمد: أنه يجوز مع الحاجة دون الغني كما قال تعالى في ولي اليتيم: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} . ويجوز أن يعطى هؤلاء من مال المسلمين على التعليم؛ كما يعطى الأئمة والمؤذنون والقضاة، وذلك جائز مع الحاجة)) . اهـ.
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (٥ / ٣٢٤) : ((وذهب الجمهور إلى أنها تحلّ الأجرة على تعليم القرآن، وأجابوا عن أحاديث الباب بأجوبة، منها: أن حديث أبي وعبادة قضيّتان في عين، فيحتمل أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - علم أنهما فعلا ذلك خالصًا لله، فكره أخذ العوض عنه. وأما من علّم القرآن على أنه لله، وأن يأخذ من المتعلِّم ما دفعه إليه بغير سؤال ولا استشراف نفس، فلا بأس به)) . اهـ.، وحديث أُبَيّ هذا الذي ذكره الشوكاني تقدم تخريجه برقم [١٠٩] .
وممن ذهب إلى جواز الإجارة على ذلك: ابن حزم، فقال في "المحلّى" (٩ / ٢٢) : والإجارة جائزة على تعليم القرآن، وعلى تعليم العلم مشاهرة وجملة، وكل ذلك جائز وعلى الرُّقى، وعلى نسخ المصاحف، ونسخ كتب العلم; لأنه لم يأت في النهي، عن ذلك نصّ، بل قد جاءت الإباحة..)) ، ثم استدلّ على الجواز بما أخرجه البخاري في "صحيحه" (١٠ / ١٩٨ - ١٩٩ رقم ٥٧٣٧) في الطب، باب الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب، من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أن نفرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - مرُّوا بماء فيهم لديغ - أو سليم -، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راقٍ؟ إن في الماء رجلاً لديغًا - أو: سليمًا -، فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب شاء، فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرًا؟ حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا: كتاب الله)) .
وأخرجه البخاري أيضًا (٤ / ٤٥٣ رقم ٢٢٧٦) في الإجارة، باب ما يُعطى في =

الصفحة 390