كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: 2)

عِنْدَ الجَمَرة الْوُسْطَى، فَحَاذَى بِهِ جِبْرِيلُ وَإِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: كَبِّر وارْمِه، فكبَّر وَرَمَى، فَذَهَبَ إِبْلِيسُ حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ القُصْوَى، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: كَبِّر وارْمِه، فكبَّر وَرَمَى، فَذَهَبَ إِبْلِيسُ، وَكَانَ الْخَبِيثُ أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ فِي الْحَجِّ شَيْئًا، فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَذَهَبَ حَتَّى أَتَى بِهِ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَقَالَ: هَذَا الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ، ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى أَتَى بِهِ عَرَفَاتٍ، فَقَالَ: هَذِهِ عَرَفَاتٌ، قَدْ عَرَفْتَ مَا أَرَيْتُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-، قَالَ: فَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، قَالَ: وَكَيْفَ أؤَذّن؟ قَالَ: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَجِيبُوا رَبَّكُمْ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - فَأَجَابَ الْعِبَادُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَبَّيْكَ - مَرَّتَيْنِ -، فَمَنْ أَجَابَ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْخَلْقِ فَهُوَ حَاجٌّ.
فَقَالَ لِي مُجَاهِدٌ: يَا (أَبَا) (¬١) عَوْنٍ، القَدَرِيَّة لَا يُصَدِّقُون بهذا (¬٢).
---------------
(¬١) ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة لابد منها، فخصيف بن عبد الرحمن كنيته أبو عون كما في ترجمته في الحديث رقم [٢٠٤].
(¬٢) مقصود مجاهد بالقدرية نفاة القدر الذين يقولون إن الأمر أُنُف، وإن الله غير خالق لأكْساب الناس، ولا لشيء من أعمال الحيوانات، ويزعمون أن الناس هم الذين يقْدُرون على أكسابهم، وأنه ليس لله عز وجل في أكسابهم ولا في أعمال سائر الحيوانات صنع وتقدير. انظر "الفرق بين الفرق" للبغدادي (ص ١١٤ - ١١٥).
ومناسبة الكلام هنا: أن من أجاب إبراهيم - عليه السلام - في ذلك الوقت ممن وجد وممن لم يوجد إلا بعد زمنه إلى قيام الساعة ممن كتب الله له أن يجيب، فهو حاج، ومن لا فلا، وهذا لا يُصَدِّق به إلا من كان يؤمن بالقدر، =

الصفحة 616