كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: 2)

التي في القِبْلة: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}، فَنَزَلَتْ بَعْدَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَمَرَّ بِأُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُمْ يصلُّون (¬٣)، فَحَدَّثَهُمُ الْحَدِيثَ، فَوَلَّوْا وجوههم قِبَلَ البيت.
---------------
(¬٣) هذا الرجل هو عبّاد بن بشر بن قَيْظي، وقيل، هو عبّاد بن نَهِيك، وأهل المسجد الذين مرّ بهم قيل: هم من بني سَلِمة، وقيل: من بني حارثة كما في "فتح الباري" (١/ ٩٧ و ٥٠٦).
وسيأتي في بعض طرق الحديث أن الصلاة التي مَرَّ عليهم وهم يصلونها:؛ صلاة العصر، وجاء في حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري في "صحيحه" (١/ ٥٠٦ رقم ٤٠٣) في الصلاة، باب ما جاء في القبلة، قال ابن عمر: بينا الناس بِقُبَاءٍ في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت، فقال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قد أُنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجهوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (١/ ٥٠٦) في تعليقه على هذا الحديث: ((وهذا فيه مغايرة لحديث البراء المتقدِّم؛ فإن فيه أنهم كانوا في صلاة العصر. والجواب: أن لا منافاة بين الخبرين؛ لأن الخبر وصل وقت العصر إلى مَنْ هو داخل المدينة، وهم بنو حارثة، وذلك في حديث البراء، والآتي إليهم بذلك: عبّاد بن بشر، أو: ابن نَهِيك كما تقدم، ووصل الخبر وقت الصبح إلى مَنْ هو خارج المدينة، وهم بنو عمرو بن عوف أهل قُباء، وذلك في حديث ابن عمر، ولم يسمّ الآتي بذلك إليهم، وإن كان ابن طاهر وغيره نقلوا أنه عبّاد بن بشر، ففيه نظر؛ لأن ذلك إنما ورد في حق بني حارثة في صلاة العصر، فإن كان ما نقلوا محفوظًا، فيحتمل أن يكون عبّاد أتى بني حارثة أوّلاً في وقت العصر، ثم توجه إلى أهل قباء، فأعلمهم بذلك في وقت الصبح، ومما يدّل على تعددهما: =

الصفحة 622