كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= والنسائي، وقال ابن معين: ((ثقة مأمون)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة لا يسأل عن مثله)) ، وسئل أبو زرعة عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبيه: وسهيل بن أبي صالح، عن أبيه، و: العلاء، عن أبيه، أيما أصح؟ قال: لا يقرن جعفر إلى هؤلاء - يريد: جعفر أرفع من هؤلاء في كل معنى -.
وقد تكلم بعضهم في جعفر بن محمد بكلام لا يعتدّ به عند تمييزه. فقيل لأبي بكر بن عياش: مالَك لم تسمع من جعفر وقد أدركته؟ قال: سألناه عما يتحدث به من الأحاديث: أشيء سمعته؟ قال: لا، ولكنها رواية رويناها عن آبائنا. قلت: وهذا لا يحطّ من روايته، ومبلغه الاحتياط فيما لم يصرح فيه جعفر بالسماع، ولو اعتبرنا هذا القول لاعتبرناه في المدلسين من باب أولى، وفيهم كبار الأئمة كالأعمش وغيره.
وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث ولا يحتج به، ويستضعف؛ سئل مرة: سمعت هذه الأحاديث من أبيك؟ فقال: نعم، وسئل مرة، فقال: إنما وجدتها في كتبه)) .
وقال الحافظ ابن حجر عقب ذكره لكلام ابن سعد هذا: ((يحتمل أن يكون السؤالان وقعا عن أحاديث مختلفة، فذكر فيما سمعه أن سمعه، وفيما لم يسمعه أنه وجده، وهذا يدّل على تثبته)) .
وقال مُصْعَب الزُّبَيْري: ((كان مالك لا يروي عنه حتى يَضُمَّه إلى آخر)) ، قلت: لم أجد مالكًا تكلم في جعفر بكلام فيه جرح له، ومجرد روايته عنه مقرونًا بآخر لا يعني جرحه له، فقد يحصل له الحديث من طريقه وطريق آخر، فيروي الحديث من الطريقين زيادة في تقوية الحديث، ولو تكلم فيه مالك بجرح لكان تجريحه له معارضًا بتوثيق من سبق، هذا مع أن الذي جاء عن مالك فيه تعديل لجعفر، بل روى عنه في "الموطأ" دون أن يقرن معه أحدًا، يقول مالك رحمه الله: ((اختلفت إليه زمانًا، فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصلّ، وإما صائم، وإما يقرأ القرآن، وما رأيته يحدِّث إلا على طهارة)) ، قلت: وهذا الأثر الذي يرويه جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ قد أخرجه مالك كما سيأتي عن جعفر وحده. =

الصفحة 754