كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: المقدمة)
به (¬١).
فقوله هنا: (وقد سمعنا نحن من ابنه، وكان لا بأس به) يظهر منه أن الكلام ليعقوب لا لسعيد، والله أعلم.
وشبيه بهذا ما سيأتي في الحديث رقم [٤٠]؛ حيث يقول سعيد: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ إِدْرِيسَ- وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ-، قَالَ: قِيلَ لِلْحَسَنِ: إِنَّ لَنَا إِمَامًا يَلْحَنُ، قَالَ: أخِّروه.
فهذا الثناء على إدريس يحتمل أن يكون من سعيد أو من شيخه جرير، ولم أجد ما يقوِّي أحد الاحتمالين، وسواء كان من هذا أو ذاك، فكلاهما ممن يعتمد قوله في الجرح والتعديل (¬٢).
وقد ينقل سعيد الكلام في الراوي عن إمام آخر، كقوله: (قلت لابن إدريس (¬٣): رأيتَ سالم بن أبي حفصة؟ قال: نعم، رأيته طويل اللحية، أحْمَقَها، وهو يقول: لبَّيْك لبَّيْك قاتل نَعْثل، لبَّيْك لبَّيْك مُهْلِكَ بني أمية) (¬٤).
ولم يقتصر جهد سعيد بن منصور على الكلام في الرواة جرحاً وتعديلاً، بل له إسهام في ذكر وفيات الرواة التي يستفاد منها في معرفة اتّصال السند من عدمه، وتصويب ما تصحّف من الأسماء، والاهتمام
_________
(¬١) السابق أيضاً (٢/ ٤٦٢).
(¬٢) أما سعيد بن منصور فتقدم الكلام عنه، وأما جرير، فقد ذكره الذهبي في رسالته: (ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل) (ص ١٦٤).
(¬٣) هو عبد الله بن إدريس، من أئمة الجرح والتعديل كما في المرجع السابق (ص ١٦٥).
(¬٤) تهذيب الكمال للمزِّي (١٠/ ١٣٦ / المطبوع).
ومقصود ابن إدريس بهذا: بيان تشيًّع ابن أبي حفصة.
وأما قوله: (نَعْثَل)، فقد أشار محقق ميزان الاعتدال في حاشية الميزان (٢/ ١١٠) إلى أن في هامش إحدى النسخ ما نصه: (أشار- والله أعلم- إلى عثمان؛ وذلك لأن الخوارج الذين ساروا إلى عثمان، كانوا يشبِّهونه بيهودي بالمدينة يقال له نعثل).