كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: المقدمة)

و - درجة أحاديث الكتاب:
جرت عادة أكثر المصنِّفين في العصر الذي عاش فيه سعيد بن منصور أن أحدهم إذا صنَّف أخرج في كتابه الصحيح والحسن والضعيف. وكانوا يتجنَّبون الموضوع، وكذا المنكر وما اشتدّ ضعفه في الغالب.
فالإمام أحمد كان يحتجّ بعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، إذا لم يكن في الباب غيره (¬١).
ولما سئل عن عمرو بن شعيب قال: ربما احتجبنا بحديثه، وربما وجس في القلب منه (¬٢).
وقال مرَّةً لابنه: ((لو أردت أن أقتصر على ما صحّ عندي، لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث: أني لا أخالف ما يضعف، إلا إذا كان في الباب شيء يدفعه)) (¬٣).
وكان يقول: ((لا تكاد ترى أحداً ينظر في الرأي، إلا وفي قلبه دَغَل، والحديث الضعيف أحبّ إليّ من الرأي)) (¬٤).
وكذا كان تلميذه أبو داود صاحب السنن، فإنه يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج ويسكت عنها؛ مثل ابن لهيعة، وصالح مولى التَّوْأَمَة، وعبد اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وموسى بن وردان، وسلمة بن الفضل، ودلهم بن صالح، وغيرهم (¬٥).
_________
(¬١) نقله الحافظ ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح (١/ ٤٣٦) عن ابن المنذر.
(¬٢) ذكره الأثرم عن الإمام أحمد كما في الميزان (٣/ ٢٦٥).
(¬٣، ٤) النكت على كتاب ابن الصلاح (١/ ٤٣٧).
(¬٥) المرجع السابق (١/ ٤٣٨).

الصفحة 194