كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: المقدمة)

ويقول الذهبي عنه: (كان غارقاً- كنحوه من الملوك- في بحر اللذات، واللهو والصيد، ولكنه خائف من الله، معادٍ لأولي الضلالة، حَنِقٌ عليهم) (¬١).
وهذا الذي ذكره الذهبي من معاداة المهدي لأولي الضلالة وحَنَقِهِ عليهم، دليل على حسن اعتقاده الذي أشار إليه السيوطي بقوله: (كان المهدي جواداً ممدَّحاً، مليح الشكل، محبّباً إلى الرّعيّة، حسن الاعتقاد، تتبع الزنادقة، وأفنى منهم خلقاً كثيراً، وهو أول من أمر بتصنيف كتب الجدل في الرَّدّ على الزنادقة والملحدين) (¬٢).
ويصفه الذهبي بأنه كان قصّاباً في الزنادقة، باحثاً عنهم (¬٣).
والسبب في حرص المهدي على تتبع الزنادقة: أن الزندقة قد نشطت في ذلك العهد، مما اضطر المهدي في سنة ست وستين ومائة وفيما بعدها إلى أن يجدّ في تتبع الزنادقة وإبادتهم والبحث عنهم في الآفاق والقتل على التهمة (¬٤)، بل أنشأ ديواناً خاصاً للبحث عن الزنادقة، والتفتيش عنهم، ومحاكمتهم، وعهد به إلى رجل أطلق عليه اسم: (صاحب الزنادقة)، كما أمر بوضع الكتب للرد عليهم ومناظرتهم، فإذا لم تُجْدِ هذه الوسائل كان يلجأ إلى العنف، فيسرف في قتل الملحدين (¬٥)، وتابعه على هذه السياسة ابنه الهادي الذي جَدّ
_________
(¬١) سير أعلام النبلاء (٧/ ٤٠٢، ٤٠٣).
(¬٢) تاريخ الخلفاء (ص ٤٣٤).
(¬٣) سير أعلام النبلاء (٧/ ٤٠١).
(¬٤) تاريخ الخلفاء (ص ٤٣٧).
(¬٥) وصفه السيوطي كما سبق بأنه كان يقتل على التهمة، وإليك هذه القصة التي تحكي تعامله مع من اتهم بالزندقة:-
رفع له ذات مرة صالح بن عبد القدوس البصري في الزندقة، فأراد قتله، فقال: =

الصفحة 23