كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: المقدمة)

بالخلافة لابنه محمد الأمين، ومن بعده لابنه عبد الله المأمون (¬١). ولما عهد الرشيد لابنه محمد الأمين بولاية العهد من بعده وقدَّمه على عبد الله المأمون قال: (إني لأعرف في عبد الله حَزْمَ المنصور، ونُسُكَ المهدي، وعِزَّةَ الهادي، ولو أشاء أن أنسبه إلى الرابع- يعني نفسه- لنسبته، وقد قدَّمت محمداً عليه، وإني لأعلم أنه منقادٌ إلى هواه، مُبَذِّر لما حوته يده، يشاركه في رأيه الإماء والنساء، ولولا أمُّ جعفر (¬٢)، ومَيْلُ بني هاشم إليه، لقدَّمتُ عبد الله عليه) (¬٣).
وكان الأمين رحمه الله سُنِّياً، لكنه مسرف على نفسه، سيء التدبير.
يقول الإمام أحمد: (إني لأرجو أن يرحم الله الأمين بإنكاره على إسماعيل بن عُلَيَّة؛ فإنه أُدْخِلَ عليه، فقال له: يا ابن الفاعلة، أنت الذي تقول: كلام الله مخلوق؟!) (¬٤).
_________
(¬١) المرجع السابق (١٠/ ٢٢٢، ٢٢٣) وتاريخ الخلفاء (ص ٤٧٤، ٤٩٠).
(¬٢) هي زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، وهي أم الأمين، وأما المأمون فأمه أم ولد اسمها: مراجل، وإنما قدم الرشيد ابنه الأمين لأن أمه نسيبة، ولذلك يقول المسعودي: (ما ولي الخلافة إلى وقتنا هذا هاشمي بن هاشمية سوى علي بن أبي طالب، وابنه الحسن، والأمين، فإن أمه زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، واسمها: أمة العزيز، وزبيدة لقب لها) اهـ. من تاريخ الخلفاء (ص ٤٨٤)، وانظر (ص ٤٨٩) منه أيضاً.
(¬٣) المرجع السابق (ص ٤٩٠).
(¬٤) المرجع السابق أيضاً (ص ٤٨٣). والقصة مطوَّلة في تاريخ بغداد (٦/ ٢٣٧ - ٢٣٨)، وخلاصتها: أن إسماعيل بن علية حدّث بالحديث الآتي في تخريج الحديث رقم [٤٨٤]، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((تجيء البقرة وآل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان- أو غيايتان، أو فرقان من طير صوافّ- تحاجّان عن صاحبهما)). فقيل له: ألهما لسانان؟ قال: نعم، فكيف تكلما؟ فشنّعوا عليه وقالوا: إنه يقول القرآن مخلوق، وهو لم =

الصفحة 29