كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: المقدمة)

الذين تشبعت نفوسهم بالعقائد الشيعية.
ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن علياً الرِّضا لم يكن راغباً في ولاية العهد، وإنما قبلها تحت ضغط المأمون عليه وتهديده له بضرب عنقه إن لم يقبل، ومع ذلك كان موته بسبب أكله لعنب يقال إنه كان مسموماً دسّه له المأمون للتخلص منه بعد أن ظفر منه بما أراد (¬١)، فالله أعلم.
وشهد عصر المأمون فتوحات كثيرة وبخاصة في بلاد الروم، وكان يخرج للغزو بنفسه (¬٢). ولما توفي خلفه من بعده أخوه أبو إسحاق محمد المعتصم بن هارون الرشيد، الذي كان عَرِيّاً من العلم كما يقول السيوطي (¬٣)، فإنه كان أُمِّياً لا يحسن الكتابة، وكان سبب ذلك: أنه كان يتردد معه إلى الكُتّاب غلام، فمات الغلام، فقال له أبوه الرشيد: ما فعل غلامك؟ قال: مات فاستراح من الكُتّاب، فقال الرشيد: وقد بلغ منك كراهة الكُتّاب إلى أن تجعل الموت راحة منه؟ والله يا بني لا تذهب بعد اليوم إلى الكُتّاب، فتركوه، فكان أُمِّيّاً، وقيل: بل كان يكتب كتابة ضعيفة (¬٤).
وكان المعتصم ذا شجاعة وقوة وهمّة، حتى إنه كان يجعل زَنْدَ الرجل بين إصبعيه فيكسره (¬٥).
وكتب إليه ملك الروم مرة كتاباً يتهدده فيه، فأمر بجوابه، فلما
_________
(¬١) انظر مروج الذهب للمسعودي (٤/ ٣٣)، ومقاتل الطالبين (ص ٥٦٢ - ٥٦٥)، والشعوبية وأثرها الاجتماعي والسياسي في الحياة الإسلامية في العصر العباسي الأول (ص ٢٩٩ - ٣٠٠).
(¬٢) انظر البداية والنهاية (١٠/ ٢٦٩، ٢٧٠، ٢٧١، ٢٧٧).
(¬٣) تاريخ الخلفاء (ص ٥٣١).
(¬٤) سير أعلام النبلاء (١٠/ ٢٩١)، والبداية والنهاية (١٠/ ٢٩٥).
(¬٥) تاريخ الخلفاء (ص ٥٣١، ٥٣٢).

الصفحة 34