كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: المقدمة)

عُرِض عليه رماه، وقال للكاتب: اكتب: أما بعد، فقد قرأت كتابك، وفهمت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار (¬١).
وهو الذي استطاع القضاء على بَابِك الخُرَّمي الذي يقول عنه الذهبي: (كان أحد الأبطال، أخاف الإسلام وأهله، وهزم الجيوش عشرين سنة، وغلب على أَذِرْ بِيجَان وغيرها، وأراد أن يقيم الملّة المجوسية، وظهر في أيامه المازيار أيضاً بالمجوسية بطبرستان، وعظم البلاء، وكان المعتصم والمأمون قد انفقوا على حرب بابك قناطير مقنطرة من الذهب والفضة) (¬٢). ولما استنفر المعتصم الجيوش لحرب بابك، ضعفت جبهته مع الروم، وحينما أحيط ببابك الخُرَّمي، كتب الخبيث إلى ملك الروم يقول له: إن ملك العرب قد جهّز إليّ جمهور جيشه، ولم يبق في أطراف بلاده من يحفظها، فإن كنت تريد الغنيمة، فانهض سريعاً إلى ما حولك من بلاده، فخذها، فإنك لا تجد أحداً يمانعك عنها، فركب ملك الروم بعسكره حتى وصل إلى مَلَطْيَة (¬٣)، فقتلوا من أهلها خلقاً كثيراً، وأسروا نساءهم. فلما بلغ ذلك المعتصم انزعج جداً، وصرخ في قصره بالنفير، ثم نهض من فوره، وأمر بتعبئة الجيوش، وقال للأمراء: أي بلاد الروم أمنع؟ قالوا: عَمُّورِيَّة (¬٤)، لم يعرض لها أحد منذ كان الإسلام، وهي أشرف
_________
(¬١) سير أعلام النبلاء (١٠/ ٢٩١)، والبداية والنهاية (١٠/ ٢٩٦).
(¬٢) سير أعلام النبلاء (١٠/ ٢٩٣ - ٢٩٤).
(¬٣) مَلَطْيَةُ- بفتح أوّله وثانيه، وسكون الطاء، وتخفيف الياء-: بلدة من بلاد الروم مشهورة مذكورة تتاخم الشام، وهي للمسلمين. معجم البلدان (٥/ ١٩٢ - ١٩٣).
(¬٤) عَمُّورية- بفتح أوّله وتشديد ثانيه-: بلد في بلاد الروم، سُمِّيَت بعمورية بنت الروم بن اليفز بن سام بن نوح، وهي التي افتتحها المعتصم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين. المرجع السابق (٤/ ١٥٨).

الصفحة 35