كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: المقدمة)
وقد أطلّ التشيع برأسه في عهد المأمون الذي كان يتشيع ويظهر التشيع، واسْتَوْزَرَ الفضل بن سهل، وهو أول وزير للمأمون، وسمّاه المأمون: ذا الرئاستين؛ لأنه تولى رئاسة السيف ورئاسة القلم- أي رئاسة الجيوش ورئاسة الديوان-، وهو أول وزير لُقِّب، وأول وزير اجتمعت له الوزارة واللقب والتأمير (¬١).
وكان الفضل متشيعاً، وله أثر كبير في نقل الخلافة من آل العباس إلى آل علي (¬٢) حينما بايع المأمون عليّاً الرضا بولاية العهد من بعده على ما سبق بيانه (¬٣).
وتقدم أن المأمون في سنة إحدى عشرة ومائتين أمر بأن يُنَادى: برئت الذِّمَّة ممن ذكر معاوية بخير، وإن أفضل الخلق بعد رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: علي بن أبي طالب، وقدَّمه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهم (¬٤).
وكان المأمون أيضاً أول من أظهر القول بخلق القرآن، وكان قبل ذلك مُحَارَباً من خلفاء بني العباس، فهارون الرشيد توعَّد وقتل على هذه المسألة (¬٥).
وكذلك ابنه الأمين، وقصته مع إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة معروفة، وسبق ذكرها (¬٦).
فلما جاء المأمون أظهر القول بخلق القرآن في سنة اثنتي عشرة ومائتين، فكاد البلد يفتتن، فكفَّ عن ذلك حتى سنة ثمان عشرة ومائتين حيث امتحن الناس بالقول بخلق القرآن (¬٧)، ودفعه إلى ذلك أمران:
_________
(¬١) انظر الوسائل إلى معرفة الأوائل للسيوطي (ص ٨٥)، وكتاب: (الشعوبية وأثرها ... ) (ص ٢٩٣ - ٣٠٣).
(¬٢) الشعوبية وأثرها الاجتماعي ... (ص ٢٩٦).
(¬٣، ٤، ٥، ٦) انظر (ص ٢٦ - ٣٢) من هذه المقدمة.
(¬٧) انظر ما تقدم (ص ٣٣).