كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: المقدمة)

وعلى رأس هؤلاء الذين تخرّجوا من مدرسة ابن مسعود رضي الله عنه: عَبِيدَةُ السَّلْماني وعلقمة بن قيس والأسود بن يزيد ومسروق بن الأجْدَع والربيع بن خُثَيْم وشُريح القاضي وغيرهم خلق (¬١).
وهكذا البصرة والشام ومصر وغيرها من بلاد الإسلام (¬٢).
وقد نشطت الحركة العلمية في عصر التابعين نشاطاً كان من آثاره بدء مرحلة التدوين الرَّسمي للسنة بأمر من الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، بسبب خوفه من ذهاب العلم بذهاب العلماء. يقول عبد الله بن دينار رحمه الله: ((كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلى أهل المدينة: أن انظروا حديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فاكتبوه، فإني خِفْتُ دُرُوسَ (¬٣) العلم وذهاب أهله)) (¬٤)، وفي رواية: ((كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فاكتبه، فإن خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولْتُفْشُوا العلم، ولْتَجْلِسُوا حتى يُعَلَّمَ من لا يَعْلَمُ، فإن العلم لا يهلِك حتى يكون سرّاً)) (¬٥). ولم يكن أمرُه هذا مقصوراً على أهل المدينة فحسب، فقد روى أبو نعيم في تاريخ أصبهان هذه القصة بلفظ: ((كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلى الآفاق: انظروا حديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فاجمعوه)) (¬٦).
_________
(¬١) السابق أيضاً (٦/ ١٠).
(¬٢) انظر في ذلك وفيما سبق: السنة قبل التدوين لمحمد عجاج الخطيب (ص ١٦٤ - ١٧٥).
(¬٣) أي خاف عليه من أن تنمحي آثاره وتذهب. انظر لسان العرب (٦/ ٧٩).
(¬٤) أخرجه الدارمي في سننه (١/ ١٠٤ رقم ٤٩٤)، والخطيب البغدادي في تقييد العلم (ص ١٠٦).
(¬٥) أخرجه البخاري في صحيحه موصولاً إلى قوله: ((وذهاب العلماء))، وباقيه معلَّقاً. انظر صحيح البخاري (١/ ١٩٤) كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم.
(¬٦) نقلاً عن فتح الباري (١/ ١٩٤ - ١٩٥).

الصفحة 5