كتاب سنن سعيد بن منصور - بداية التفسير 1 - 5 ت الحميد (اسم الجزء: المقدمة)

وقد كان بين سعيد والحميدي ما يكون بين الأقران غالباً (¬١)، ومكانة الحميدي لا تُنكر، فالبخاري إذا وجد الحديث عنده لا يعدوه إلى غيره (¬٢)، ومع ذلك نجد مسلماً يُعْنَى بتخريج حديث سعيد بن منصور في الصحيح، ولا يُعَرِّجُ على حديث الحميدي، فهو لم يرو له إلا في المقدمة (¬٣)، فلست أدري هل تعمَّد هذا الصنيع لأجل شيخه سعيد كما تعمَّد ترك حديث محمد بن يحيى الذهلي لأجل البخاري (¬٤)؟ أو أنه اكتفى بغيره عنه ولم يتركه لشيء؟ وأما البخاري، فإنه روى في الصحيح عن سعيد بن منصور بواسطة يحيى بن موسى البلخي (¬٥)، ولم يرو عنه مباشرة، ولذا لم يذكره المِزِّي في تهذيب
_________
= أن أبا بكر ابن أخت أبي النَّضْر سأل مسلماً عن حديث أبي هريرة: (وإذا قرأ- يعني الإمام- فانصتوا، فقال: هو عندي صحيح، فقال: لِمَ لَمْ تَضَعْه هاهنا؟ - يعني في الصحيح-، فقال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا، إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه.
واختلفوا في توجيه كلمة مسلم هذه. ومن جملة ما قيل في ذلك: ما حكاه السراج البلقيني في محاسن الاصطلاح (ص ٩١) حيث قال: (قيل: أراد مسلم بقوله: ما أجمعوا عليه أربعة: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعثمان بن أبي شيبة، وسعيد بن منصور) اهـ. ولم يذكر البلقيني مرجعه في ذلك فالله أعلم.
(¬١) سيأتي الكلام عن ذلك.
(¬٢) انظر التهذيب (٥/ ٢١٥ - ٢١٦ رقم ٢٧٢)، والتقريب (ص ٣٠٣ رقم ٣٣٢٠).
(¬٣) كما تدل عليه الرموز في المرجعين السابقين.
(¬٤) انظر تفاصيل قصة مسلم والبخاري ومحمد بن يحيى الذهلي في سير أعلام النبلاء (١٢/ ٤٥٣ فما بعد).
(¬٥) روى عنه في كتاب الأذان، باب سرعة انصراف النساء من الصبح، وقلَّة مقامهن في المسجد (٢/ ٣٥١ رقم الحديث ٨٧٢)، فقال: حدثنا يحيى بن موسى، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا فُليح، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كان يصلي الصبح بغَلَس، فينصرفن نساءُ المؤمنين لا يُعرفن من الغَلَس، أو لايعرف بعضهن بعضاً.

الصفحة 83