كتاب أنيس الساري (تخريج أحاديث فتح الباري) (اسم الجزء: 2)

بتصحيح الترمذي في معرفة حال عمرو بن بجدان مع تفرده بالحديث وهو قد نقل كلامه: هذا حديث حسن صحيح. وأيّ فرق بين أنْ يقول: هو ثقة أو يصحح له حديث انفرد به، وإنْ كان توقف عن ذلك لكونه لم يَرو عنه إلا أبو قلابة فليس هذا بمقتضى مذهبه فإنّه لا يلتفت إلى كثرة الرواة في نفي جهالة الحال فكذلك لا يوجب جهالة الحال بانفراد راو واحد عنه بعد وجود ما يقتضي تعديله وهو تصحيح الترمذي، وأما الاختلاف الذي ذكره من كتاب الدارقطني فينبغي على طريقته وطريقه الفقه أنْ ينظر في ذلك إذ لا تعارض بين قولنا: عن رجل، وبين قولنا: عن رجل من بني عامر، وبين قولنا: عن عمرو بن بجدان، وأما من أسقط ذكر هذا الرجل فيأخذ بالزيادة ويحكم بها، وأما من قال: عن أبي المهلب فإنّ كان كنية لعمرو فلا اختلاف وإلا فهي رواية واحدة مخالفة احتمالا لا يقينا، وأما من قال: أنّ رجلا من بني قشير قال: يا نبي الله. فهي مخالفة فكان يجب أنْ ينظر في إسنادها على طريقته فإنْ لم يكن ثابتا لم يعلل بها" (¬1)
ولي على كلام ابن دقيق العيد أربع ملاحظات:
الأولى: تصحيح الترمذي.
قال الذهبي في "الميزان" في ترجمة كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف بعد أنْ ذكر تضعيف أهل العلم له قال: وأما الترمذي فروى من حديثه: الصلح جائز بين المسلمين. وصححه، فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي"
الثانية: مع وجود الاختلاف في هذا الحديث في شيخ أبي قلابة فإنّ أبا قلابة موصوف بالتدليس ولم يذكر سماعا في جميع طرق الحديث التي وقفت عليها، وقد قال الذهبي في "الميزان": أبو قلابة ثقة في نفسه إلا إنّه يدلس عمن لحقهم وعمن لم يلحقهم وكان له صحف يحدث منها ويدلس.
الثالثة: أفاد الشيخ أحمد شاكر في "شرح الترمذي" (1/ 215) أنّ بني قشير من بني عامر نقلا من "الاشتقاق" لابن دريد.
الرابعة: أنّ أبا المهلب هو عم أبي قلابة كما جاء مصرَّحا بذلك عند الدارقطني.
والصواب في هذا الحديث رواية من رواه عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر.
¬__________
(¬1) نصب الراية 1/ 149

الصفحة 1532