كتاب أنيس الساري (تخريج أحاديث فتح الباري) (اسم الجزء: 5)

وقد أعل الحديث بما لا يقدح، فقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 311): وقد اختلف في هذا الحديث فصححه ابن حبان وعلله غيره. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: سألت أبا الوليد الطيالسي عن حديث محمد بن مسلم بن المثنى عن أبيه عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً" فقال: دع ذا. فقلت: إنّ أبا داود قد رواه، فقال: قال أبو الوليد: كان ابن عمر يقول: حفظت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر ركعات في اليوم الليلة. فلو كان هذا لعدّه. قال أبي: كان يقول "حفظت ثنتي عشرة ركعة".
وأجاب ابن القيم عن ذلك فقال: وهذا ليس بعلة أصلاً فإنّ ابن عمر إنما أخبر بما حفظه من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخبر عن غير ذلك فلا تنافي بين الحديثين البتة"
وأما حديث عليّ فأخرجه الطيالسي (ص 19) وابن أبي شيبة (2/ 201 - 202) وأحمد (1/ 85 و 143 و 160) وابنه (1/ 142 و 143 و 146) ومحمد بن عاصم في "جزئه" (29) وابن ماجه (1161) والترمذي (424 و 429 و598 و 599) والبزار (672 و 673 و 675 و 676 و 677) والنسائي (2/ 92) وفي "الكبرى" (332 و 335 و 337 و 338 و 339 و340 و 341 و 345 و 346 و 347 و 348 و 349) وأبو يعلى (318 و 622) والبيهقي (2/ 473 و 3/ 50 و 51) والبغوي في "شرح السنة" (892) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي قال: سمعت عاصم بن ضمرة السلولي يقول: سألنا عليا عن تطوّع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، فقال: إنكم لا تطيقونه. قال: قلنا: أخبرنا به نأخذ منه ما أطقنا، قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الفجر أمهل حتى إذا كانت الشمس من ههنا -يعني من قِبل المشرق- مقدارها من صلاة العصر من ههنا -يعني من قِبَل المغرب- قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا كانت الشمس من ههنا -يعني من قبل المشرق- مقدارها من صلاة الظهر من ههنا -يعني من قبل المغرب -قام فصلى أربعاً وأربعاً قبل الظهر إذا زالت الشمس، وركعتين بعدها، وأربعاً قبل العصر يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين، والنبيين، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين.
قال: قال عليّ: تلك ست عشرة ركعة تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، وقَلَّ من يداوم عليها.
السياق لأحمد وغيره.
قال البزار: لا نعلم يُروى هذا الكلام وهذا الفعل إلا عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -"
وقال الترمذي: هذا حديث حسن. ورُوي عن ابن المبارك أنه كان يضعف هذا الحديث.
وإنما ضعفه عندنا -والله أعلم- لأنه لا يروى مثل هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه، عن عاصم بن ضمرة عن علي، وعاصم بن ضمرة هو ثقة عند بعض أهل العلم"

الصفحة 3198