كتاب أنيس الساري (تخريج أحاديث فتح الباري) (اسم الجزء: 1)
ثم أسند عن أبي بكر الأثرم قال: قلت لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - تحفظه عن يحيى عن عمرة عن عائشة: أصبحت أنا وحفصة صائمتين؟ فأنكره، وقال: من رواه؟ قلت: جرير بن حازم. فقال: جرير كان يحدث بالتوهم.
وقال مسلم: لم يسنده عن يحيى إلا جرير بن حازم، وجرير لم يُعن في الرواية عن يحيى. إنما روى من حديثه نزرا. ولا يكاد يأتي بها على التقويم والاستقامة"
وللحديث شاهد عن أبي هريرة وعن ابن عمر وعن ابن عباس
فأما حديث أبي هريرة فأخرجه العقيلي (4/ 79) والطبرانى في "الأوسط" (8008) عن موسى بن هارون البزاز ثنا محمد بن مهران الجمال قال: ذكره محمد بن أبي سلمة المكي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: أهديت لعائشة وحفصة هدية، وهما صائمتان، فأكلتا منها، فذكرتا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال "اقضيا يوما مكانه، ولا تعودا".
قال الطبراني: لم يَرو هذا الحديث عن محمد بن عمرو إلا محمد بن أبي سلمة، تفرد به محمد بن مهران"
وقال العقيلي: لا يتابع محمد بن أبي سلمة على حديثه، ولا يعرف إلا به. وهذا يُروى بغير هذا الإسناد عن عائشة من طريق أصلح من هذا"
وقال الهيثمي: وفيه محمد بن أبي سلمة المكي وقد ضعف بهذا الحديث" المجمع 3/ 202
وأما حديث ابن عمر فأخرجه البزار (كشف 1063) والطبراني في "الأوسط" (5391) من طريق حماد بن الوليد الأزدي الكوفي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: أصبحت عائشة وحفصة صائمتين فأهدي لهما طعام فأفطرتا، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألته أحداهما قال "اقضيا يوما مكانه"
قال البزار: لا نعلمه عن ابن عمر إلا من هذا الوجه، وحماد بن الوليد لين الحديث، وأحسب أنّ الزهري أرسله عن عائشة وحفصة"
وقال الطبراني: لم يروه عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر إلا حماد بن الوليد"
قلت: تكلم فيه ابن حبان وابن عدي، فأما ابن حبان فقال: يسرق الحديث ويلزق بالثقات ما ليس من أحاديثهم، لا يجوز الاحتجاج به بحال.
وأما ابن عدي فقال: له أحاديث غرائب وافرادات عن الثقات، وعامة ما يرويه لا يتابعوه عليه.