كتاب مصنف عبد الرزاق - ط التأصيل الثانية (اسم الجزء: 1)

قال عبد الرزاق: وأنا أقول ذلك: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وإن خالفتهم فقد ضللت إذن وما أنا من المهتدين (¬١).
وثمة قصة يتبين منها مجانبة الإمام عبد الرزاق للمذاهب المنحرفة الموجودة في وقته - ومنها الإرجاء - فقد أخرج ابن عساكر عن يحيى بن جعفر البيكندي أنه قال: "كنت مرجئًا فخرجت إلى الحج، فدخلت الكوفة فسألت وكيع بن الجراح عن الإيمان فقال: الإيمان قول وعمل؛ فلم أستحل أن أكتب عنه، ثم دخلت مكة فسألت سفيان بن عيينة عن الإيمان فقال: الإيمان قول وعمل؛ فلم أستحل أن أكتب عنه، ثم دخلت اليمن وجلست في مجلس عبد الرزاق فلم أسأله عنه، فأخبر بمذهبي، فلما جلس أصحابي فقال لي: يا خراساني، والله لو علمت أنك على هذا المذهب ما حدثتك، اخرج عني. قال: فقلت في نفسي: صدق عبد الرزاق، لقيت وكيع بن الجراح فقال: الإيمان قول وعمل، ولقيت سفيان بن عيينة فقال: الإيمان قول وعمل، فرجعت عن مذهبي وكتبت عنهما بعد رجوعي من اليمن" (¬٢).
قال الذهبي: "وقال سلمة بن شبيب: كنت عند عبد الرزاق، فجاءنا موت عبد المجيد بن أبي رواد في سنة ست ومائتين. وقال عبد الرزاق: الحمد للَّه الذي أراح أمة محمد من عبد المجيد" (¬٣). وقد كان عبد المجيد داعية إلى الإرجاء، كما قال أبو داود (¬٤).

موقف الإمام عبد الرزاق من الخوارج:
لم نقف على كلام صريح له في ذلك، لكنه ضَمَّن "المصنف" بابًا كبيرًا في ذكر الخوارج، وهو: "باب قتال الحروراء"، ثم جاء عنده: "باب ما جاء في قتل الحروراء"، وأورد فيهما عدة أحاديث في ذمهم.
_________
(¬١) "السنة" لعبد الله بن أحمد (١/ ٣٤٢).
(¬٢) "تاريخ دمشق" لابن عساكر (٣٦/ ١٨٥، ١٨٦).
(¬٣) "ميزان الاعتدال" (٢/ ٦٤٩).
(¬٤) "ميزان الاعتدال" (٢/ ٦٤٨).

الصفحة 38