كتاب مصنف عبد الرزاق - ط التأصيل الثانية (اسم الجزء: 1)

وقال الفسوي: "حدثني محمد بن أبي السري، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر قال: سألت الزهري عن عثمان وعلي أيهما أفضل؟ فقال: الدم الدم، عثمان أفضلهما. قال: وكان يقول: أبو بكر وعمر، ويسكت. وقال ابن أبي السري: فقلت لعبد الرزاق: ما رأيك أنت؟ فأبى أن يخبرني. وقال: كان سفيان الثوري يقول: أبو بكر وعمر وعثمان، ثم يسكت"، ثم قال: "وقال عبد الرزاق: وكان مالك بن أنس يقول: أبو بكر وعمر وعثمان، ثم يسكت. قال: وكان هشام بن حسان يقول: أبو بكر وعمر وعثمان، ثم يسكت" (¬١).
وعن أبي بكر بن زنجويه قال: سمعت عبد الرزاق يقول: "الرافضي كافر" (¬٢). وهذا الأثر الذي ينقله عنه أحد تلامذته يدفع عنه تهمة الرفض والغلو في التشيع.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: "سألت أبي قلت له: عبد الرزاق كان يتشيع ويفرط في التشيع؟ فقال: أما أنا فلم أسمع منه في هذا شيئًا، ولكن كان رجلا تعجبه أخبار الناس أو الأخبار" (¬٣).
ونقل ابن عساكر طرفًا من الروايات التي فيها نسبة الإمام عبد الرزاق إلى التشيع، ثم قال: "وقد روي عنه أنه رجع عن ذلك"، ثم أخرج عن أبي مسلم البغدادي قال: "عبيد الله بن موسى من المتروكين؛ تركه أبو عبد الله أحمد بن حنبل لتشيعه، وقد عوتب أحمد بن حنبل على روايته عن عبد الرزاق، فذكر أنه رجع عن ذلك" (¬٤).
ومن هذه الأقوال والروايات ما يَذكُر تشيعه دون وسمه بالغلو فيه، مع التأكيد على صدقه وتثبته فيما يرويه، فمنها ما يُنقل عن ابن معين - وهو من تلاميذه - وكذلك عن بعض النقاد كابن عدي، والذهبي، وابن رجب وغيرهم ممن يأتي ذكره.
_________
(¬١) "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٨٠٦، ٨٠٧). وينظر: "تاريخ الإسلام" للذهبي (١٥/ ٢٦٤)، و"ميزان الاعتدال" له (٢/ ٦١٢).
(¬٢) "الكامل" لابن عدي (٦/ ٥٤٠)، و"سير أعلام النبلاء" (١٤/ ١٧٨).
(¬٣) "العلل ومعرفة الرجال" للإمام أحمد رواية عبد الله (٢/ ٥٩).
(¬٤) "تاريخ دمشق" (٣٦/ ١٨٩).

الصفحة 41