كتاب طه حسين حياته وأدبه في ميزان الإسلام

ودعا إلى مطالبة المرأة بالثورة على الرجل، ومخالفتها له، وخروجها على ولايته.. وتشجيع الفتاة على ممارسة جميع أنواع الحرية وتحطيم التقاليد الشرقية.. (أي الآداب الإسلامية) ..
ولا شك أنه، بما استطاع أن يتشرّبه من عادات الغرب في فرنسا، وبما اقتبسه من تقاليد الغرب منذ اقترن بزوجته الفرنسية في باريس، وأنجب منها ولده الذي أسماه اسما فرنسيا هو ((كلود)) _ لا شك أنه بذلك أقدر على تعليمنا كيف يكون التنكر للدين، والتقاليد، والقيم والفضائل الإسلامية.
ونحن نتساءل:
لمصلحة من، يشيع الدكتور في دراسته للعصر العباسي، أنه كله كان عصر شك وزندقة وفجور ومجون. ويتخذ من شعراء معينين ذوي ميول غزلية وجنسية أعلاما منشرة لهذا العصر كله، مسقطا من حسابه كل الاتجاهات الدينية والحماسية والحكمية وأشعار البطولة وأبيات الزهد.. الخ؟
لا غرو أن الناقد الذي يتخذ من كتاب الأغاني ونحوه مصادر رئيسية لنقده الذوقي وإنتاجه الأدبي - ويقضي جل أوقاته مع النتائج الرخيص لأبي نواس، ومسلم بن الوليد، ووالبة بن الحباب، وأمثالهم من شعراء العبث - لا يتوقع منه إلا أن يطلق هذه الغثاثات التي لا تثبت للنقد، ولا تستحق أن تناقش لأن زيفها واضح حتى للمبتدئين في دراسة الأدب1.
وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
__________
1 ملأ طه حسين كتابه (حديث الأربعاء) _ الذي كتبه على غرار (أحاديث الاثنين) للناقد الفرنسي (سانت بيف) مع الفارق الكبير بين الرجلين _ بأخبار المجان وشعراء الغزل وأخبار المحبين وأفرط في ذلك إلى حد مقبول.
اعتناقه مبدأ الشك الديكارتي
هل يمكن أن يصل الإنسان عن طريق الشك إلى اليقين؟
هذا هو السؤال الخطير الذي أجاب عنه طه حسين بالإيجاب. بل وجعل منه منهجا علميا، إلتزمه في دراساته الأدبية، وتعصب له تعصبا شديدا. والمهم أن نقرر كما قرر هو:
أن هذا المنهج لم يصطنعه من عند نفسه، بل جارى فيه الفيلسوف الفرنسي ((ديكارت)) صاحب ((الكوجيتو)) الفرنسي المشهور..
(أنا أفكر، فأنا موجود.. (je pense, donc je suis) .
وإذا تأملنا هذا المنهج بعمق، ووقفنا

الصفحة 196