كتاب الإستشراق وجهوده وأهدافه في محاربة الإسلام والتشويش على دعوته

لقد كانت أهداف التبشير الصليبي - بعد الحروب الصليبية - التشويش على الدعوة الإسلامية؛ لكسب مواقع جديدة من أرض المسلمين، فلما عجز المبشرون عن بلوغ أهدافهم حاول قادتهم من المستشرقين أن يشوشوا على دعوة الإسلام بإلقاء الأباطيل والمفتريات في ساحة شريعته الغراء، خصوصا بعد أن انتشر الإلحاد في أوربا وأمريكا، بعد أن كشف العلم الحديث للمسحيين ما في دينهم من أمور لا يقبلها العقل، كالتثليث الذي يجعل الإله الواحد ثلاثة: أب وابن وروح قدس.
فخشي المبشرون الصليبيون أن يطلّ الإسلام بوجهه المُشرق على أوربا وأمريكا؛ فيجد قلوبا مهيأة له وعقولا متجاوبة معه؛ فشجع رجال الكنيسة حركة الاستشراق، وحمى المستعمرون هذه الحركة؛ فكثر عدد المستشرقين الذين يتصلون اتصالا مباشرا بالكنيسة ليشوشوا على الدعوة الإسلامية لإضعاف سلطان الدين على نفوس المسلمين، فيقلّ عزمهم في محاربة الاستعمار وطرده من بلادهم؛ فتحقق بذلك أهداف الاستشراق في خدمة الصليبيين والمستعمرين، لكن الله بالغ أمره {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} 1.
__________
1 سورة الصف: آية 8.
محاولة إغراق المسلمين بالتيارات الفكرية المضللة
1- المادية
...
2_ محاولة إغراق المسلمين بالتيارات الفكرية المضللة:
ومن الوسائل التي يستعملها الاستشراق في التشويش على دعوة الإسلام محاولة إغراق المسلمين بالتيارات الفكرية المضللة، وتصدير هذه التيارات إلى أقطار المسلمين؛ لتضليل الشباب وصرفهم عن دينهم، والتشويش على دعوة الإسلام التي تتفق مع فطرة الله التي فطرهم عليها، وأهم هذه التيارات الفكرية المضللة ما يلي:
أ_ المادية:
يتّسم العصر الحديث بتحكم المادية في تفكير الناس وفي سلوكهم، والمادية تنكر المشاعر الإنسانية التي يعمل الدين على غرسها وتنميتها في النفوس؛ من الرحمة والمودة والعطف والإيثار، وكل ما يشيع في كيان الإنسان من عواطف إنسانية نحو أهله وقرابته ومجتمعه والإنسانية كلها.
وأخطر ما في المادية أنها تتملّق شهوات الناس، وتأتي إليهم من الجانب الضعيف فيهم، حيث تميل النفوس دائما إلى العاجل من كل محبوب ومرغوب عندها، وقد بيّن الله جل وعلا طبيعة النفس البشرية في كتابه الكريم فقال تعالى:

الصفحة 88