كتاب الصولي شاعرا دراسة فنية تحليلية لأهم أغراض الشعر عنده

في ليلة الزفاف، وهما صورتان جديدتان برع الصولي في رسمهما، يقول:
يا نسيم الحياة أضحكت دهرا ... كان لولاك دائم التعبيس
إن أيامك اللذاذ كوصل الـ ... حب طيبا ونومة التعريس
وليس معنى ذلك أن جميع فواتح قصائده تسير على هذا المنوال، فالصولي يجاري أيضا تيار عصره، ويحاكي الشعراء المعاصرين التقليديين، فبدأ أحيانا بعض مدائحه بمقدمات غزلية مأثورة، له فيها لفتات نادرة، وصور رائعة، من مثل قوله في مديحته الدالية للراضي:
متيم متلفه تلدده ... بان بين الهوى تجلده
طال عليه مدى الصدود فما ... يبصره في ضناه عوده
قد كتب الحب بالسقام له ... نظمه بمن أتي بفنده
على أن مقدمات مدائح الصولي لا تسير على وتيرة واحدة، أو تنحصر في مجال واحد، فنراه أحيانا يخالف منهجيه السابق، فيجعل افتتاحيات قصائده شكوى لهمومه وأحزانه، وتنفيسا عن تباريحه وأسقامه، على نحو قوله في مقدمة ميميته لابن مقلة وزير الرضي:
أنا من بين ذا الورى مظلوم ... وإذا ما خصمتهم مخصوم
تخطاني الحظوظ فآسى ... ومكاني من علمهم معلوم
كم ترى في الزمان مثلي حتى ... لميرمني الوزير فيمن يروم
وقد يخالف الصولي ما تواضع عليه الشعراء، فلا يقدم لمدائحه بمقدمات، بل يتناول موضوعه مباشرة، كما فعل في مديحته النونية التي هنأ بها البردي وزير المتقي لله، بتوليه زمام الحكم.
وإذا كان الصولي لا يقدم أحيانا لمدائحه للوزراء – فإنه قلما يمدح الخلفاء بقصائد دون أن يقدم لها بمقدمات غزلية أو استبشارية أو غيرها، فلم نعثر إلا على مديحة

الصفحة 125