كتاب الصولي شاعرا دراسة فنية تحليلية لأهم أغراض الشعر عنده

وتشرفت بالجلوس لديه ... بحديث يلتذه مستفاض
وبلغت المنى وبشرني الـ ... ناسبثوب من الغنى فضاض
وتبدلت بالتذلل عزا ... آذن الهم عنده بانقضاض
واطمأن الفراش بعد أن جا ... نب جنبي تجنب النهاض
ويذكر دائما ولاءه وصدق نصحه للخليفة, وأن هذا النصح، وهذا الولاء قديم, وسيظل قائما ولن يشوبه أبدا زور أو رياء أو تدليس مهما طال الزمن أو اشتعل الشعر شيبا. يقول:
يا حلى الزمان يا زينة الأر- ... ض ورأس الملوك وابن الرؤوس
إن نصحي وصدق ودي قديم ... لم أَشُبه بالزور والتدليس
قبل أن يأكل الزمان شبابي ... خالسا غرتي بشعر خليس
ولقد كانت مدائح الصولي مجالا كبيرا لشكواه, ومتنفسا عما بنفسه من أسقام وأحزان وما يقاسيه من مكايد ووشايات، أو فقر وحرمان، فهو يضمن مدائحه شكواه من العانتين الحاقدين، الذين لا يدخرون وسعا في ثلبه، وانتقاصه، حتى صار لا ينام الليل، وتكحلت عيناه بالسهاد والأرق، لأنهم يحسدون صلته، بالخليفة، ولكنه يصرح بأن كل شيء يهون لأن الله عوضه فقربه من الخليفة الذي يحس به ويقدره. يقول:
زأرتني أسود حقد عليكم ... لم تغيب بغابة وغياض
وفراني الزمان منه بناب ... بعدكم مرهف الشبا عضاض
وانتحى آكلا للحمى ورض الـ ... عظم منى بكلكل رضاض
من حسود منافس لي عليكم ... لبحار اغتيابكم خواض
مبغض لي لما أسير فيكم ... من مديح، على الأذى حضاض
فأراني الإله ما كنت أرجو ... ـه وعوضت أحسم الاعتياض
والصولي في مجال حديثه عن نفسه وشكواه، لا يشكو حساده وعذاله والكائدين والواشين فحسب، بل يشكو أيضا شيخوخته ومرضه وضعف قوته، كما يشكو كبر سنه بعد أن ناهر السبعين، وأصبح لا يهنأ بالحياة أو النوم.. بل هو منتظر يومه الموعود وقدره المكتوب. يقول للراضي:

الصفحة 135