كتاب الصولي شاعرا دراسة فنية تحليلية لأهم أغراض الشعر عنده

مافي عبيدك إن فتشت أمرهم ... أقل مني في رزق وفي نشبي
هذه هي مدائح الصولي – للخلفاء والأمراء والوزراء – بكل عناصرها وخصائصها، وهي تشتمل على عناصر بعضها جديد من عنده، وبعضها موروث، ولكنه في العناصر الموروثة استعاد صورا جديدة، فظهرت في أزهى حلة وأبهى زينة..
أما العناصر التي استحدثها الصولي في مدائحه فهي:
أ- أنه أضاف إلى المقدمات الغزلية مقدمات أخرى تحمل الأمل والاستبشار بحلول خليفة أو وزير أو أمير جديد قوي، يستطيع أن يزيح الغمة عن كاهل الأمة، ويعيد للدولة وللخلافة هيبتها وجلالها وقوتها، كما أنه أضاف أضاف أيضا مقدمات بث فيها شكواه وهمه وأحزانه، وما يكابده من أسقام، غير أنه لم يجعل ذلك منهجا مضطردا في كل قصائده، بل تجده في كثير من الأحيان يخرج عن القاعدة المتبعة عند الشعراء والمتوارثة عبر الأجيال، فيحذف المقدمة الغزلية أو غيرها، فيبدأ قصائده المديح مباشرة.
ب- أنه أضاف إلى مديحه بالمعاني الدنيوية – مديحا بالعلم والأدب، وسعة الاطلاع والثقفة وكبر العقل، واتقاد الذهن، ورقة الطبع، وبشاشة الوجه، وأيضا مديحا بالإحسانوحب الناس وغير ذلك.
جـ- أن مديح الصولي بالمعاني الدينية لم يكن وقفا على المديح بالتقوى والعدل والورع وطاعة الله، بل كان يتعدرى ذلك إلى مديحه بأنه الخليفة المختار، الذي فضله الله، وأيده بنصره لينقذ دينه، وأنه عماد الدين، وعزة الإسلام، المهتدي بنوره، كما مدحة بأنه المحيي لسنن الدين، الخطيب المفوه، الذي يؤم المسلمين، ويفعل مثلما فعل النبي وخلفاؤه الراشدون، وأنه ينتسب إلى أشرف البيوتات، وأعلاها وهو البيت النبوي الشريف، كما مدح آباءه وأجداده بتووارث الشرف، وأ، الخلافة حق فيهم، جاءتهم بقدر الله..الخ.
د- أن الصولي يضمن هذه المدائح حديثا عن نفسه وع خواطره، وما مني بهالنفس، ويذكر الصلة بينه وبين الخليفة، وأنه السباق إلى مديحه بمدائح لم يقل مثلها، كما أ، هـ كان يتشرف بالجلوس في رحابه، وأن الخليفة كان يفسح له أقرب مكان وأنه نعم ببره وعطاياه كما كان الصولي يضمن هذه الدائح شكواه من الحاسدين والوشين، وشكواه من الزمن.

الصفحة 137