كتاب الوحدة الإسلامية

من الشعوب تلتقي على صعيد عقيدة مشتركة ونظم مشتركة واقتصاد موحد أو متناسق، إن هذه الأمور كلها تؤكد إمكان الانتقال بالعالم الإسلامي في صورته الحاضرة إلى أمة واحدة، ودولة واحدة أو متحدة أو اتحادية وثقافة مشتركة ذات لغة مشتركة، وحضارة مشتركة.
نحن إذن أمام واقع وهدف نريد الوصول إليه ولابد من البحث عن الطريق الموصل من الواقع إلى الهدف، وبحثنا يتناول هذه العناصر الثلاثة.
الهدف:
يختلف الإسلام عن المسيحية والبوذية وأكثر الأديان بأنه يغطي بتوجيهاته وتعاليمه جميع جوانب الحياة ويستغرقها سواء أكان ذلك عن طريق التوجيه وتحديد الأهداف أم عن طريق التحديد. فهو يحدد المعالم الأساسية للتصورات الفكرية وقواعد السلوك العملي الأخلاقي وينظم العلاقات الاجتماعية في شتى المجالات (الأسرة، المال، الدولة..) ولا تشغل العبادات وشعائرها والإيمان بالغيبيات إلا جزءا منه فحسب. وليست كذلك أكثر الديانات ويختلف عن اليهودية التي تشتمل على بعض التشريع بأنه شامل لتنظيم جميع جوانب التشريع من جهة وأنه قابل للتطبيق مع تغير ظروف الحياة لما يتصف به من السعة والمرونة.
وبناء على هذا فلا يمكن مقارنة الإسلام بأي دين من الأديان من جهة قدرته على تكوين أمة وجمع مختلف الشعوب في إطارها وقدرته على تكييف ظروف الحياة وتطوراتها حسب مقاييسه وقواعده.
يمكن مقارنة الإسلام _من هذه الناحية_ بالعقائديات المعاصرة التي تشمل التصورات العامة للوجود _وتكون فلسفتها الأساسية_ ومفاهيمها في الأخلاق ومقاييسها ونظمها التشريعية وبالتالي تستطيع الجمع بين شعوب مختلفة، وذلك باشتراكها في هذه الجوانب.
ويختلف الإسلام عنها بأنه يضيف إلى ذلك ما يسميه أصحاب هذه العقائديات بالدين أي الإيمان بحقائق غيبية وإقامة شعائر العبادات.
فالإسلام إذن هو من نوع العقائد التي يمكنها أن توحد الشعوب وأن توجد قاعدة صلبة للقاء بل هو من أقدرها على ذلك.
ولا شك أن الإسلام نفسه كما تدل نصوصه الأصلية من القرآن والسنة يهدف إلى جعل الإنسانية كلها أمة

الصفحة 42