كتاب الوحدة الإسلامية
واحدة في ظل عقيدته وأحكامه تتضامن وتتكافل وتتعاون على أساسه في مجال الشعور بالأخوة وفي مجال التعاون الحضاري والتناصر والتكافل المالي.
ولا يمكن ذلك إلا بالنسبة لمن يؤمن به ويذعن لأحكامه وتبقى الدائرة مفتوحة لمن يريد أن يدخل فيها طواعية.
واقع العالم الإسلامي:
أطلق لفظ العالم الإسلامي في العصر الحديث بدلاً من تعبير (الأمة الإسلامية) الذي كان يستعمله المسلمون والغالب على الظن أن هذا التعبير استعمله أولاً غير المسلمين من أهل أوربا وأمريكا بالإنكليزية (Muslim word) وبالفرنسية (le monde muslman) .
وهو يشمل الشعوب المسلمة أو التي أكثريتها مسلمة سواء أكانت حكومتها إسلامية أم كانت غير إسلامية، ويضاف إليها أو يلحق بها الأقليات الإسلامية في البلاد غير الإسلامية.
وسنذكر فيما يلي جوانب الاختلاف والانقسام تمهيدا للبحث عن طرق إزالة الاختلاف والانقسام والعودة إلى الوحدة والانسجام الاجتماعي:
1 _ تعدد الدول:
إن انقسام الدول الإسلامية ظاهرة قديمة ولكن حكام الدول الإسلامية كانوا يشعرون كما يشعر المسلمون جميعا يومئذ أنهم يقتسمون أرضا واحدة ومجتمعا واحدا وكان الفرد المسلم لا يشعر بالانفصال عن المسلمين الذين هم تحت حكم حاكم آخر فالشعور بوحدة المسلمين أو المجتمع كان واضحا وقويا حتى أن الانتقال من دولة إلى دولة كان أمرا عاديا وميسورا وكذلك تغيير محل الإقامة من دولة إلى دولة وكان المسلم ينتقل إلى بلد آخر وإلى سلطة حاكم آخر دون أن ينتقص أي حق من حقوقه، فيمكن أن يتولى فيها أي ولاية من الولايات كالقضاء والوزارة وغيرها كما حصل لابن خلدون وابن بطوطة وعدد كبير من العلماء الذين تولوا القضاء في الشام ومصر أو في مصر والمغرب أو غيرها.
أما الانقسام الذي حصل في القرن الأخير ولاسيما في عهد الاستعمار وبعد الاستقلال فهو انقسام إلى دول تفصلها حدود حاجزة وتكون مجتمعات أخذ بعضها يتباعد عن بعض، وتكونت لها عصبيات قومية أو إقليمية انعكست آثارها في نفوس الشعوب وتجسدت في كيانات وطنية وقومية متنافسة تنافس القبائل قديما بل متصارعة ومتعادية أحيانا.
الصفحة 43
208