كتاب الفصيحة العجما في الكلام على حديث «أحبب حبيبك هونا ما»

{يَحْسُدُونَ النَّاسَ} [النساء: 54]؛ لأنه أراد بهم نبينا - صلى الله عليه وسلم - كما ذكره المفسِّرون (¬1).
وبما تقرَّر عُلِم أنَّ الحديث من الدِّين المفسر بالنصيحة لخاصة المؤمنين وعامَّتهم.
وقوله في الحديث: "هَونًا" بفتح أوله، أي: لينًا سهلاً رفيقًا بسكينة ووقار.
قلت: وذلك لأنَّ المؤمن هيِّن ليِّن، فناسب أن يكون حُبُّه وبغضه مثله في اللين والرقة والسهولة. تقول: هان الشيء يهون، كقال يقول؛ إذا سهل ولسان. وأما الهُون بضم أوله فهو الذلُّ، ومنه قوله تعالى: {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} [النحل: 59].
وقوله في الحديث: "ما" يصحُّ أن يراد هنا من معانيها العشرة ثلاثة معانٍ، كما استخرجتُ ذلك من كلام القاضي البيضاوي (¬2) ومَنْ كَتَب على عبارته كشيخ الإِسلام، والشهاب الخَفَاجي، وشَيْخِي زَادَه، وابن تَمجيد (¬3)
¬__________
= قُريظة يوم الخندق حتى صرفهم الله بعد أن أرسل عليهم ريحًا وجنودًا لم يُرو، مات في أول خلافة علي رضي الله عنهما.
(¬1) هو قول أغلب الصحابة والتابعين. زاد المسير 2/ 115.
(¬2) أي في تفسيره المسمى " أنوار التنزيل وأسرار التأويل".
(¬3) شيخ الإِسلام: هو القاضي زكريا بن محمَّد الأنصاري (المتوفى 926 هـ)، واسم حاشيته: "فتح الجليل ببيان خفي أنوار التنزيل".
الشهاب الخَفَاجي: هو شهاب الدين أحمد بن محمَّد الخفاجي المصري (المتوفى 1069 هـ)، واسم حاشيته: "عناية القاضي وكفاية الراضي".
شيخي زاده: هو القاضي عبد الرحمن بن محمَّد المعروف بشيخي زاده (المتوفى =

الصفحة 38