كتاب الفصيحة العجما في الكلام على حديث «أحبب حبيبك هونا ما»
وقلت في المعنى: [من الوافر]
لقد جرَّبتُ أصحابي فكانوا ... على التجريب من شَوكِ القَتَادِ
قليتُهمُ فباتوا يسلُقوني ... إذا غابوا بِأَلسِنَةٍ حِدَادِ
وقلتُ أيضًا: [من الوافر]
إلى ذي العدلِ أشكو من أناسٍ ... إذا قابلتُهم كانوا مَرآئي
وإن غابوا عن العينين عادوا ... مَقاريضًا لعِرْضي في الخَلاءِ
وقوله في الحديث: "عسى أن يكون بغيضك" عسى هذه من أفعال المقاربة، وهي فعلٌ ماضٍ جامد، وفيه ترجٍّ وطمع، وعمله عمل كان، كما قال في الخلاصة (¬1): [من الرجز]
ككانَ كادَ وعسى لكنْ نَدَرْ ... غَيرُ مضارع لهذَيْنِ خَبَرْ
وتكون مثل كان ناقصةً وتامة، فالناقصة مثل قولك: عسى زيد أن يقوم، والتامة مثل: عسى أن يقوم زيد، فجملة أن يقوم فاعل، والتقدير:
قارب قيام زيد. فإن قيل: أين يكون الفاعل جملة في اللفظ؟ فقل: مثل أن المصدرية توصَل بالفعل، وكما تكون عسى للترجِّي والطمع كذلك تكون بمعنى اليقين، كما في المصباح (¬2).
وقال بعضهم: إنَّ كاد تختصُّ عن أخواتها يكون إثباتها يكون نفيًا ونفيها إثباتًا، وعلى ذلك قول أبي العلاء المعرِّي: [من الطويل]
أنحْويَّ هذا العصرِ ما هي لَفظةٌ ... جَرَتْ في لسانَيْ جُرهُمٍ وثمودِ؟
¬__________
(¬1) شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 1/ 322، ط محمَّد محيي الدين عبد الحميد 1964.
(¬2) المصباح ص 410، بتصرف.
الصفحة 51
56