كتاب المنهج بين الماضي والحاضر

ومن الأمثلة الواضحة في ذلك من السنة النبوية إن الكلمة الطيبة صدقة، والابتسام في وجه المؤمن صدقة، وإتيان الرجل زوجته له فيه أجر، وترك المعصية لله بعد الهم بها حسنة، ومنها أنا أمرنا أن نذكر الله في كل حالاتنا.. {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً} "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله"، وإذا بدأنا تناول الطعام، أو فرغنا من تناوله، وعند دخول المسجد والخروج منه، وعند دخول المرحاض وعند الخروج منه، وعند النوم والاستيقاظ منه، وعند بدء السفر وعند العودة منه، وعند لقاء الكفار في الحرب، وفي إدبار الصلوات، وغير ذلك مما لا يحصيه العد.
ولقد فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم من سلفنا الصالح هذا المعنى فكانوا يحتسبون عند الله كل أعمالهم، كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: " والله إني لأحتسب نومتى كما أحتسب قومتى " أي إني أرجو أن يكتب الله لي ثواباً على نومي لأني ابتغي به وجهه، كما أرجو أن يكتب لي الأجر على قيام الليل كذلك.
وهذا الفهم الكامل هو ما دعا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن يعرف العبادة بقوله:" العبادة اسم جامع لكم ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة ".
ويرتبط بهذا المعنى ارتباطاً كاملاً أن يسعى العبد- الذي فهم هذا الفهم وطبقه في نفسه- حثيثاً لدعوة غيره إلى ذلك حتى يكون ممن اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} وليخرج الناس من عبادة المخلوقين إلى عبادة الله وحده.
هذا المعنى الذي سبق الكلام عنه باختصار هو المحور الذي يجب أن تدور حوله جميع تصرفات المسلمين ومنها:
- التعليم:
ولا مجد للأمة الإسلامية إن لم يكن هذا المعنى هو محور أعمالها كلها {وَالْعَصْرِ

الصفحة 247