كتاب تصحيح المفاهيم في جوانب العقيدة

أما اليوم: قد نرى من يجلس في منزله أينما كان منزله فيطلب نزول المطر أو رد الضالة أو غلبة العدو وما إلى ذلك من المطالب فيقول في طلبه أغثني يا رسول الله أغثنا يا جيلان. المدد يا حسين إلى غير ذلك من العبارات الوثنية التي صارت مألوفة لدى جماهير المسلمين وللأسف الشديد.
أولاً: لا يكلف نفسه بالذهاب إلى من يستشفع به أو يتوسل به.
ثانياً: يوجه الطلب للمخلوق دون الخالق ثم يسمى هذا الطلب توسلا أو استشفاعاً ولو حاولت توجيهه اتهمت بأنك لا تحب الصالحين وتنكر التوسل بهم بل ولا تحب رسول الله إلى أخر تلك العبارات التقليدية التي يرددها علماء السوء ومقلدوهم الذين حالوا بينهم وبين المفهوم الصحيح في كثير من المعاني الإسلامية عاملهم الله بما يستحقون. كم استغلوا جهل الناس وسذاجتهم وطيبة نفوسهم فصاروا لهم حجر عثرة في سبيل فهم الإسلام.
" المفهوم الصحيح للشفاعة "
نعود فنقول: لا نزاع بين جمهور الأئمة من أهل السنة أنه يجوز أن يستشفع بالنبي عليه الصلاة والسلام في الدنيا في حياته كما سبق أن أشرنا إلى قصة الأعرابي وهي في صحيح مسلم. وقصة الأعمى المعروفة عند أهل السنن كما يشفع عليه الصلاة والسلام يوم القيامة لأهل الكبائر من أمته الذين استوجبوا النار ليدخلوا الجنة بشفاعته عليه الصلاة والسلام ولم ينكر هذه الشفاعة إلا الخوارج والمعتزلة بناء على أصلهم المعروف من أن صاحب الكبيرة مخلد في النار مع الكفار. وهو أصل باطل مصادم للنصوص كما لا يخفى، ومن أعظم الشفاعة لرسول الله عليه الصلاة والسلام شفاعته لأهل المحشر حين يعتذر أبو البشر وجميع أولي العزم من الرسل ويقول كل واحد منهم نفسي إن الله قد غضب اليوم غضباً لم يغضب من قبله مثله ولن يغضب بعده مثله: نفسي نفسي، في ذلك الموقف الرهيب يتقدم أهل المحشر إلى سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام فيطلبون منه الشفاعة عند الله، فيقول عليه الصلاة السلام أنا لها فيسجد تحت عرش الرحمن سجدة طويلة يثني فيها على الله ثناء ويحمده حمداً كثيراً ويفتح الله عليه من الثناء مالا يعلمه قبل ذلك كما صح عنه عليه الصلاة والسلام في أحاديث الشفاعة ثم يقال له يا محمد ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع فيرفع رأسه

الصفحة 97