كتاب بيئات التربية الإسلامية
بيئات التربية الإسلامية
للدكتور عباس محجوب
يقصد بالبيئات الأمكنة التي تتم فيها العملية التربوية لما لتلك البيئات من وظائف تربوية تقوم بها مع التركيز على الصفة التربوية لهذه البيئات وتشمل هذه البيئات الأسرة والمسجد والمدرسة والمجتمع.
أولا: الأسرة
تعتبر الأسرة المكونة من الأبوين أقدم مؤسسة اجتماعية للتربية عرفها الإنسان إذ إنها كانت ولا تزال المؤسسة الوحيدة التي تعلم وتهذب الطفل وتنقل إليه عن طريق الأب خبرات الحياة ومهارتها المحدودة ومعارفها البسيطة وكانت القبيلة هي التي تساعد الآباء في عملية التربية وكثيرا ما كان الإبن وارثا لمهنة والده التي تعلمها ومارسها معه ولا زالت الأسرة في المجتمعات المختلفة هي مصادر التربية والمعرفة بالنسبة لأبنائها، وقد أدى تطور الحياة البشرية واستقرار الإنسان وبناء المجتمعات المدنية والقروية وزيادة الخبرات البشرية وتعدد أنواع المعرفة البشرية إلى إن تشارك مؤسسات أخرى الأسرة في واجب الرعاية والاهتمام والتربية والتوجيه وتخلت الأسرة عن بعض ما كانت تقوم به بالرغم من أنها ظلت المؤسسة الأولى في حياة المجتمع الحديث أيضا في التربية.
كانت الأسرة تقوم بواجب التربية من الناحية الصحية والجسمية فيوفر الأبوان لطفلهما الطعام والشراب والكساء والمأوى ثم تعليمه المهنة التي يعيش بها في المستقبل وغالبا ما تكون مهنة الوالد على حين تتعلم البنت أمور البيت وقد تساعد في أعمال الزراعة مع أمها، ولكن تطور الحياة جعل الأسرة تسعى إلى تعليم أبنائها وأصبحت المدرسة المؤسسة الثانية بعد الأسرة.
وقد سبق أن تحدثنا عن بعض المهام التربوية التي تقع على عاتق الأسرة المسلمة وأهمها إيجاد الأم الصالحة للأبناء ورعاية الأمهات ثم اختيار الاسم الصالح للأبناء وتعهدهم بالرعاية والتربية الدينة والتوجيه إلى المثل العليا والتمسك بالفضائل وغيرها مما لا نود تكراره.
وأول الحاجات الضرورية التي يجب أن توفرها الأسرة هو حاجة الطفل إلى الحب والعطف والحنان ولا يمكن توفر ذلك في أسرة لا تقوم أساسا على المودة كما يقول الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ
الصفحة 104
448