كتاب الرشوة

يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ..} الآية.
وبتأمل هذا السياق في عمومه، والربط بين أوله وآخره لكانت أمامنا حقيقة ثابتة ظاهرة ألا وهي:
أولا: أن المرتشي سارق.
ثانيا: أنه يخشى الكفر عليه؛ لمسارعته إليها تشبيها للمنافقين واليهود في مسارعتهم إلى الكفر.
ثالثا: أن هذا من عمل المنافقين واليهود؛ ففيه مشاركة لهم في لوصف.
رابعا: منهج المرتشين هو الكذب والسماع للكذابين.
خامسا: يأخذون من النصوص ما وافق أهواءهم، وما لم يوافقها يحرفونه من بعد مواضعه.
سادسا: أنهم مفتونون فيما يأخذونه وما ينفذون من أعمال غير مشروعة.
سابعا: قلوبهم غير طاهرة؛ دنستها الرشوة وأكل السحت.
ثامنا: لا يملك أحد لهم من الله شيئا، اللهم إلا هم بأنفسهم إذا تابوا إلى الله تعالى.
تاسعا: أنهم في ذلة في حياتهم، وأشد ما يكون مذلة أمام راشيهم.
عاشرا: ولهم في الآخرة عذاب عظيم.
أي أن آثار الرشوة ظاهر وباطن، وعاجل وآجل.
نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
ب- الموطن الثالث:
قوله تعالى: {وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
وبأخذ السياق من أوله أيضا تجده يبدأ من قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ قُلْ هَلْ

الصفحة 132