كتاب مفهوم الأسماء والصفات (اسم الجزء: 3)

وأن الله هو العالي على كل شيء بقدرته، المتقدس على الأشباه والأنداد، المتنزه عما يقول الظالمون من الصفات، وأنه سبحانه ذو الكبرياء، وهو عبارة عن كمال ذاته، وتفرده بالإلهية2.
1- وفي قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (لقمان آية 30) .
أقول: وما أقوله عن هذه الآية الكريمة من اقتران اسم (العلي) باسم (الكبير) ، ومن تصدر الآية بإقرار توحيد الله وتجريد العبادة له سبحانه، هو ما أقوله في هذه الآية، لتماثلها مع الآية السابقة.
2- وفي قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (سبا آية 23) .
وهنا ترى الاسمين الكريمين (العلي الكبير) سُبقا بما بين الله جل وعلا من أن الملائكة حين يزول فَزَع قلوبهم من سماعهم كلام الله تعالى بالوحي يتساءلون عن قول الله عز وجل، فيقول بعضهم لبعض الحق الذي قال، وأقروا بأن الله هو العلي الكبير، فلا قول بعد قوله سبحانه.
وقد ذكر ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: أنه إذا خلي عن قلوبهم، وزال الفزع عنها، سأل بعضهم: ماذا قال ربكم؟ فيخبر بذلك حملة العرش للذين يلونهم ثم للذين يلونهم لمن تحتهم، حتى ينتهي الخبر إلى أهل السماء الدنيا، ولهذا قال تعالى: {قَالُوا الْحَقَّ} أي أخبروا بما قال من غير زيادة ولا نقصان {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} 3.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قضى الأمر ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان يَنْفُذُهم ذلك، حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، فيسمعها مسترق السمع - ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض؛ وَصَفَه سفيان بكفه: فحرفها وبدد بين أصابعه - فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة، فقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا، كذا وكذا؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء" 1.
__________
2 فتح القدير الجزء الثالث ص 465.
3 تيسير العلي القدير المجلد الثالث ص 407.
1 أخرجه الإمام البخاري.

الصفحة 66