كتاب موقعة اليرموك دراسة وتحليل

ازْدَادَ حماس الْخَلِيفَة لفتح الشَّام بعد مَا أصَاب خَالِد بن سعيد وجنده من الْهَزِيمَة والفرار، فندب أعظم قواده للذهاب إِلَى بِلَاد الشَّام، فَأمر عَمْرو بن الْعَاصِ على فرقة من الْجَيْش وَأمره أَن يتَّجه بهَا إِلَى فلسطين، واستدعى يزِيد بن أبي سُفْيَان وولاه على جَيش لجب فيهم سُهَيْل بن عمر وَأَمْثَاله من أهل مَكَّة، وألحقه بِجَيْش آخر بقيادة أَخِيه مُعَاوِيَة، وَوجه شُرَحْبِيل بن حَسَنَة ليقود جمَاعَة من جَيش خَالِد بن سعيد، وَندب الْخَلِيفَة جَيْشًا عَظِيما وأمَّر عَلَيْهِ أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح وَعين لكل جَيش طَرِيقه، وَأمره أَن يسلكه حَتَّى يصل إِلَى مقره. فَأخذ عَمْرو بن الْعَاصِ طَرِيق المعرقة. وسلك أَبُو عُبَيْدَة الطَّرِيق نَفسه، وَأخذ يزِيد بن أبي سُفْيَان طَرِيق التبوكية وسلكه مَعَه شُرَحْبِيل بن حَسَنَة، وَتوجه الْأُمَرَاء إِلَى الشَّام، فَلَمَّا وصلوها نزل أَبُو عُبَيْدَة الْجَابِيَة، وَنزل يزِيد البلقاء، وَنزل شُرَحْبِيل الْأُرْدُن، وَنزل عَمْرو بن الْعَاصِ العربة1.
__________
1 ابْن الْأَثِير (2/406) .
هِرقل ينصح قومه:
علم الرّوم بِدُخُول الجيوش الإسلامية أَرضهم، فَكَتَبُوا إِلَى هِرقل، وَكَانَ بالقدس فَقَالَ هِرقل: أرى أَن تصالحوا الْمُسلمين، فو الله لِأَن تصالحوهم على نصف مَا يحصل من الشَّام وَيبقى لكم نصفه مَعَ بِلَاد الرّوم أحب إِلَيْكُم من أَن يغلبوكم على الشَّام وَنصف بِلَاد الرّوم2.
وأغضبت هَذِه النَّصِيحَة قواد الرّوم، وظنوا أَن الإمبراطور قد وَهن وَضعف وسيسلم الْبِلَاد للغزاة الفاتحين، وَالْحق أَن هِرقل قد ضعف أَمَام غضبة قواده، وعزم على قتال الْمُسلمين مَعَ يقينه بالهزيمة، وَجمع هِرقل الثائرين، وَتوجه بهم إِلَى حمص، وَهُنَاكَ أعد جَيْشًا ضخم الْعدَد كثير الْعدَد، وقسمه أَرْبَعَة أَقسَام، وَجعل كل قسم مِنْهُ يُقَابل فرقة من جَيش الْمُسلمين ليوهنهم ويشغلهم عَن مناصرة إخْوَانهمْ.
__________
2 نَفسه.
عدد الْجَيْش:
بلغ جَيش الْمُسلمين ثَلَاثِينَ ألفا أَو تقل قَلِيلا، وَأما جَيش الرّوم فقد بلغ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعين ألفا3.
__________
3 الصّديق أَبُو بكر ص 285.

الصفحة 176